الأحد، 15 يناير 2012

ديناميات الجماعة

نتناول في هذا المداخلة   مجالا يحظى باهتمام عدد كبير من الباحثين في علم النفس الاجتماعي، وهو مجال "ديناميات الجماعة"، الذي يعني أساسا بالدراسة النفسية لسلوك الجماعات الصغيرة.

وترجع أهمية هذا المجال إلى ان معظم صور السلوك الانساني، تتم في سياق التفاعل الاجتماعي داخل جماعات صغيرة كالاسرة، زملاء الفصل الدراسي، جماعات الاقران، زملاء العمل. كما تنهض الجماعات الصغيرة بدور بارز في اشباع حاجات نفسية متنوعة لدى الافراد، من قبيل الحاجة إلى الانتماء، و الحب و الشعور بالامن، و غيرها من الحاجات التي لا يمكن  للفرد ان يشبعها بنفسه و هو بمنأى عن الآخرين.

و نقدم في هذا الفصل مجموعة المعلومات العلمية المتصلة بهذا المجال، وهي علم نحو الآتي:
- تعريف ديناميات الجماعة، و الجماعة الصغيرة.
- دوافع تكوين الجماعة الصغيرة.
- محاور الاهتمام الرئيسية في دراسات ديناميات الجماعة.
- صور الافادة التطبيقية من بحوث و دراسات ديناميات الجماعة.
 

ونبدأ بتعريف ديناميات الجماعة فيمايلي: 
1- تعريف ديناميات الجماعة، و الجماعة الصغيرة:
أ- ديناميات الجماعة:

هي احد فروع علم النفس الاجتماعي، و موضوعها الرئيسي هو "الدراسة العلمية للجماعات الصغيرة، من حيث تكونها، و نموها، و نشاطها، وانتاجها، و أدائها لوظائفها المختلفة، بهدف التوصل إلأى القوانين العلمية المنظمة لهذه الجوانب، و ما يرتبط بها من جوانب أخرى" (سلامة، و عبد الغفار
1976، ص262).
 
وقد بدأ الاهتمام بديناميات الجماعة منذ نهاية الثلاثينات في القرن العشرين، ثم ازدهرت كمجال متميز بين مجالات علم النفس الاجتماعي، بعد ان أنشأ كيرت ليفين K.Lewin وتلاميذه مركز بحوث ديناميات الجماعة في جامعة ميتشجان بالولايات المتحدة الامريكية، عام 1945. (أنظر: السيد، 1979).

ويشير الباحثون إلى اربع خصائص أساسية تميز دراسات هذا المجال :(
See Cartwright & Zander.1968.P.5
) وهي:
1- الاهتمام بالبحوث الواقعية المستندة إلى أسس نظرية:
ففي بداية هذا القرن كان الاعتماد الاساسي من جانب المهتمين بفهم طبيعة الجماعات على الخبرات الشخصية والسجلات التاريخية، وقد شهد العقد الثاني من القرن العشرين، اتجاها متزايدا نحو البحوث التجريبية (الواقعية) في مجالى علم النفس وعلم الاجتماع، حيث بدأ الاهتمام بالبيانات الموضوعية وبالاساليب الواقعية في البحث، و يلاحظ ان الباحثين الذين اتجهوا إلى دراسة ديناميات الجماعة قد اعتنوا ببناء النظريات واشتقاق العروض القابلة للاختبار من ناحية، وبإجراء المشاهدات المضبوطة و القياس و التجريب و التحليل الاحصائي للبيانات من ناحية أخرى.
حيث بدأ الإهتمام بالبيانات الموضوعية و الأساليب الواقعية في البحث، و يلاحظ أن الباحثين الذين اتجهوا إلى دراسة ديناميات الجماعة قد اعتنوا ببناء النظريات و اشتقاق العروض القابلة للاختبارمن ناحية، وبإجراء المشاهدات المضبوطة و القياس و التجريب و التحليل الاحصائي للبيانات من ناحية أخرى.

2- الإهتمام بالعلاقات الدينامية بين الظواهر:
لم يقتصر الباحثين في ديناميات الجماعة على تصنيف الجماعات، ووصف خصائصها ذات الطبيعة الثابتة، بل وجهوا اهتمامهم الأكبر إلى "الديناميات" أي الى صور التغير في ظروف الجماعة و مايمكن أن يترتب عليها من تأثير في الأبعاد الأخرى. و لذلك وجه الاهتمام إلى عدد من الموضوعات التي تبرز تلك الطبيعة الدينامية للظواهر النفسية الاجتماعية المتعلقة بالجماعات، ومن بينها الكشف عن الظروف التي تدفع الجماعة إلى تغيير أسلوب القيادة داخلها، و تأثير ذلك التغير في الروح المعنوية لأعضائها، ودراسة طبيعة الظروف التي تزيد إنتاجية الجماعة أو تخفضها، وتأثير التماسك على الأبعاد الأساسية للجماعة، وغير ذلك من الموضوعات التي تشير الى صور التفاعل، أو الإعتماد المتبادل فيما بين ذلك هذه الظواهر السابقة و بعضها البعض.

3- الصلة الوثيقة بين ديناميات الجماعة ببعض العلوم الإنسانية التي تعني باجماعة من زوايا مختلفة، ومن تلك العلوم: علم الاجتماع، الذي يعني بدراسة الجماعات و المؤسسات الاجتماعية، والسياسة، حيث التركيز على الجماعات المسئولة عن اتخاذ القرار والتشريع وأسليب التصويت، وعلم الاقتصاد، الذي يهتم بالمتغيرات التي تحكم إتخاذ القررات الإقتصادية، والأنثروبولوجيا الثقافية.

وتوحى العلاقة الوثيقة بين ديناميات الجاعة وتلك العلوم بإمكان إجراء العديد من البحوث المشتركة، التي يتعاون فيها باحثون من مختلف التخصصات. بما يؤدى إلى بلوغ رؤية شاملة ومتكاملة للجماعة، يمكن من خلالها تفسير الظواهر النفسية الاجتماعية الفمتصلة بالجماعة، بمختلف أبعادها.

نميز بحوث ديناميات الجماعة القابلية للتطبيق:
حيث توفر بحوث ديناميات لجماعة المعلومات أساسية يمكن الافادة منها في مجالات عملية متعددة، ومن ذلك: رفع الروح المعنوية في الوحدات الانتاجية والمؤسسات العسكرية و غيرها، وتحسين الظروف الاجتماعية والنفسية، والعلاقات الانسانية بين العاملينفي ميادين الصناعة والادارة والتعليم، وتدريب القادة على أفضل أساليب القيادة....إلخ وكل ذلك يؤكد إمكانيات الإفادة من بحوث ديناميات الجماعة في سياقات الحياة العملية المختلفة.
ب- الجماعة الصغيرة:يقصد بالجماعة الصغيرة اى "جماعة تتكون بين شخصين على الاقل، وحتى عشرين شخصا، تجمع بينهم علاقة تفاعل اجتماعي"، ويعرف التفاعل الاجتماعي بأنه" التأثير المتبادل بين فردين او اكثر عندما يمثل كل منهما تنبيها لسلوك الآخر بطريقة مباشرة او غير مباشرة" (السيد،1979، ص69)، فالجماعة الصغيرة ليست مجرد تجمع لعدد من الافراد، وانما هي مجموعة من الاشخاص يتبادلون التأثير و التأثير فيما بينهم وبين بعضهم البعض. وإذا اردنا مثلا توضيحيا لذلك، فلنا ان نتصور عددا من الاشخاص يقفون على مقربة من بعضهم البعض. اثناء مشاهدتهم لوحة فنية او منظر طبيعي مثلا، فحسب التعريف الذي قدمناه لا بشكل هؤلاء الافراد."جماعة" الا اذا بدأوا في تبادل الرأي، او الحوار حول الموضوعات والمشاهدة، أي عندما يتوافر موقف عل الاجتماع.

و بالاضافة الى التفاعل الاجتماعي تتميز الجماعة الصغيرة التي يعني الباحثون بدراستها في مجال ديناميات الجماعة بخصائص أخرى تتفاوت ظهورا او خفاء من جماعة إلى اخرى، ونقصد بها الخصائص التالية:
الدوام، لفترة زمنية معقولة (بضع دقائق على الاقل)
وجود هدف (او اهداف مشتركة) يسعى اعضاء الجماعة الى تحقيقه
محك المقارنة الشخصي
محك المقارنة بين البدائل
تتكون الجماعة بقيام علاقة تفاعل بين شخصين او اكثر، وفي المراحل الاولى لتكوين الجماعة يتميز هذا التفاعل الاجتماعي بوجود قدر كبير من النشاط، والتغير، وعدم الاستقرار، حيث يحاول الافراد إقامة بناء الجماعة، (أي تنظيم العلاقات الداخلية فيما بين الاعضاء) وتحديد اهداف الجماعة، وتوزيع الادوار بما يتلاءم مع قدرات ميول كل عضو من اعضائها، وتتسم المراحل التالية في تاريخ الجماعة بالاستقرار النسبي، حيث يقل التغاير الى حد ما، ولكنه لايتوقف.

والواقع ان الجماعات تختلف من حيث المراحل التي تمر بها، منذ بداية تشكلها على اكتمال تكونها، باختلاف نوع الجماعة ونوع المهام المكلفة بها. ولكنها في كل الحالات تعايش اكبر قدر من التغاير في مراحلها المبكرة، ثم تتجه بعد ذلك إلى الاستقرار في المراحل التالية
Shaw، 1977، P.82
.

اكثر ما يعني به الباحثون في هذا المجال هو تكوين الجماعة، أي دراسة الدوافع النفسية و الاجتماعية التي تؤدي بالافراد الى تكوين الجماعات المختلفة، او العوامل المشجعة لهم على الانتماء الى جماعات قائمة بالفعل، وتختلف تفسيرات الباحثين ليلك الدوافع، فيكتفي البعض بتقديم تفسيرات عامة، بينما يعني آخرون بتقديم تفسيرات نوعية لدوافع تكوين الجماعات، حيث تتضمن تفسيراتهم تصنيفات مختلفة للحاجات النفسية التي يشبعها الافراد من خلال عضويتهم في الجماعة.

من التفسيرات العامة، ماقدمه تيبوت
Thibaut وكيللىKelley
على سبيل المثال، وهو التفسير الذي يشير الى ان الافراد ينضمون الى الجماعات لاشباع حاجات خاصة، ولم يحدد في هذا التفسير، على نحو مفصل طبيعة تلك الحاجات، وان اكد الباحثان ان الفرد يقيم الاشباعات التي يحصل عليها من الجماعة في ضوء محكين رئيسيين هما:
محك المقارنة الشخصي:
ويعني ان الفرد يحافظ على عضويته في الجماعة التي تحقق له الحد الادنى من الاشباع كما يتصوره هو، أي بمقارنة الاشباعات بمحك شخصي، فإما ان يقنع الشخص بالاشباعات التي توفرها له الجماعة فيرضى عن الجماعة، او لا يقنع بما تمنحه من اشباع فينصرف عن الاشتراك فيها.

محك المقارنة بين البدائل:
 ويقصد به ان الفرد يقارن الاشباعات التي يحصل عليها من علاقة معينة، بكم ونوع الاشباعات التي يمكنه ان يحصل عليها من علاقة اخرى بديلة، و المسلم به ان الفرد يسعى الى العلاقة التي توفر له اعلى مستوى من الاشباع، ويستمر في الحفاظ عليها، مالم تتوفق عليها علاقة بديلة مع جماعة اخرى (Shaw، 1977،P.83) في التفسيرات النوعية، عنى الباحثون بتصنيفمصادر التدعيم، او انواع الاشباعات التي تتيحها الجماعة للافراد، والتي تشجع على الانضمام اليها والحفاظ على عضويتهم فيها، ومنها صور الاشباع للدوافع او الحاجات النفسية التالية:
أ‌- الحاجة الى الانتماء.
ب‌- التجاذب بين اعضاء الجماعة.
ج-جاذبية نشاطات الجماعة واهدافها.
ونتناول فيمايلي كل دافع فيها بشئ من التفصيل:
يؤكد الباحثون ان الانسان كائن اجتماعي، ولذا فهو في حالة سعي دائم الى الانتماء و الارتباط بالآخرين، بهدف خفض التوترات الانفعالية التي تعتريه عندما ينعزل او ينأىعن الجماعة. وتكتشف دلائل واقعية متعددة ان حاجة الفرد الى الانتماء تقوى و نعرض فيمايلي لنماذج من الدراسات التي تؤكد حاجة الافراد الى الانتماء كما ويمكن لن نستخلص منها بعض الأليات او العمليات التي تخفض الجماعة من خلالها شعور اعضائها بالتوتر، مما يزيد من انجذابهم اليها وتمسكهم بها.
تعد بحوث شاشتر
Schchter من اهم البحوث التي ابرزت نوع التجمع في خفض درجة القلق، وهي بحوث قام فيها بتنويعمقدار التهديد الذي يعانيه اعضاء الجماعة، وتوصل هو زملاؤه الى ان التهديد المرتفع يسبب قدرا اكبر من الجاذبية لاعضاء الجماعة بالمقارنة بالتهديد المنخفض، وقد قام شاشتر في احدى تجاربه بإثارثة قلق مجموعة من الطالبات بطريقة تجريبية معتمدة بأن اوهمن بأنهن سوف يتلقين صدمة كهربائية، وقام بتنويع درجة القلق، فأخبر بعض الطالبات بأن الصدمة ستكون مؤلمة، غير انها لن تحدث اثرا جسميا دائما (مجموعة القلق المرتفع)، واخبر المجموعة الثانية بأن الصدمة ستكون خفيفة ولن تحول دون استمتاعهن بالتجربة (مجموعة القلق المنخفض).
كما اخبر الطالبات في كلتا المجموعتين، بضرورة الانتظار لمدة عشر دقائق قبل تقديم الصدمات، وخيرهن بين الانتظار بمفردهن، او مع بعضهن البعض، وكشفت التجربة ان62.5% من الطالبات المتوقعات للصدمة المؤلمة فضلن الانتضار معا، في مقابل3.33% فقط من الطالبات المتوقعات للصدمة الخفيفة، بالتالي تؤكد هذه التجربة ان الافراد يتجمعون معا بهدف خفض القلق، وان مواقف الشدة تزيد من الرغبة في الصحبة
(
See. Berkouitz، 1980، P.251)

افترض شاشتر، فيما بعد ان هذا الميل الى التجمع يرجع الى رغبة الافراد في عقد مقارنات اجتماعية بينهم وبين الآخرين عندما يواجهون حالات انفعالية جديدة او غير مألوفة، او عندما الموقف بالغموض، وقد تحقق من صحة فرضه هذا بعد ان اجرى تجربة اخرى اخبر فيها كل المبحوثين بأنهم سوف يتعرضون لصدمة كهربائية شديدة. خير بعضهم بين الانتظار بمفردهم او مع زملاء لهم يمرون بالتجربة نفسها، وخير البعض الآخر بين الانتظار بمفردهم او مع طالب لا يمر بتلك التجربة، وانما تصادف وجوده في المكان الذي تجرى فيه الدراسة، وبينت النتائج ان المبحوثين في الظرف الاول فضلوا الانتظار مع زملائهم الذين يمرون بظروف مماثلة عن الانتظار بمفردهم، اما في الظرف الثاني فقد فضل المبحوثون الانتظار مع شخص لا تتشابه حالته الوجدانية
(See. Hendrick & Hendrick،1983، P.59)
وتشير دراسات واقعية اخرى الى ان الرغبة في المقارنة تتعدى حدود السمات المزاجية (الشعور بالقلق على سبيل المثال)، لتشمل القدرات العقلية ايضا، بمعنى ان الافراد قد يتجمعون معا لكي يقارنوا بين قدراتهم وقدرات الآخرين.
وقد اجريت تجربة في هذا الصدد تم فيها توزيع39 طالبا بطريقة عشوائية في ظرفيين تجريبين مختلفين، في اولهما قدمت للمبحوثين معلومات عن مستوى ادائهم. لمهمة تجريبية معينة، اما في الظرف الثاني فلم تقدم للطلاب معلومات عن مستوى ادائهم. ثم طلب من المبحوثين الانتظار لحين بدء الجزء الثاني من التجربة، وسمح لهم بالانتظار كما يشاءون، اما بمفردهم او مع زملائهم وكشفت التجربة ان الطلاب الذين لم تتح لهم فرصة الاطلاع على مستوى دائهم، فضلوا بدرجة اكبر الانتظار مع زملائهم، وذلك لرغبتهم في مقارنة ادائهماو قدراتهم بقدرات الآخرين  (See. Shaw، 1977، P.94)
ويفسر بعض الباحثين تلك الرغبة في عقد مقارنات اجتماعية بين الذات والآخرين بأنه في اوقات الازمات، او تحت وطأة الشعور بالعزلة تهتز ثقة الافراد في قدراتهم على تحمل الضغوط، وهنا يصبح الشخص اكثر استعدادا للاعتماد على الآخرين، اما بهدف مقارنة نفسه بهم، والتحقق من صحة آرائه وتصرفاتها والتماسا للمساندة النفسية من جانبهم
(Berkowits، 1980،P.254)
يمثل التجاذب بين اعضاء الجماعة حاجة نفسية اجتماعية دافعة الى تكوين الجماعة، ويشير التجاذب بين الاشخاص فيي في معناه العالم الى"الاتجاه الايجابي الذي يشعر به شخص ما، نحو شخص آخر، ويمكن ان يعرف التجاذب بأنه نمط خاص من الاتجاهات يتضمن توجها نحو، (او بعيدا عن شخص ما)،ويمكن ان تكون وجهة هذا التجاذب ايجابية او سلبية، او محايدة، ويقوم هذا التجاذب (بوصفه اتجاها) على ثلاثة مكونات رئيسية. وهي: المكون المعرفي، ويتضمن المعتقدات والمعلومات عن الشخص المرغوبفيه، والمكون الوجداني ويتعلق بمشاغر الحب او الكراهية نحوه، والمكون السلوكي، ويفصح عن نفسه من خلال الميل على الاقتراب او الابتعاد عن الشخص موضوع هذا الاتجاه" ( Hendrick & hendrick، 1983، P.30)
وقد عنى كثير من الباحثين بدراسة المحددات النفسية والاجتماعية للتجاذب بين الاشخاص واستهدفت بحوثهم الكشف عن طبيعة الخصال النفسية، او الظروف الاجتماعية، التي اذا توافرت لاحد الاشخاص فإنها تجعله جذابا أي مرغوبا ومحببا لدى الآخرين. وكشفت هذه الدراسات بالفعل عن وجود محددات متنوعة للتجاذب بين الافراد، ونركز على ثلاث منها فيمايلي، هي:
- التقارب المكاني.
- الجاذبية الشمسية.
- التماثل في القدرات العقلية وسمات الشخصية والظروف الاجتماعية.
التقارب المكاني:
يتحدد التجاذب بين الاشخاص احيانا بتأثير عوامل بيئية كالتقارب المكاني، الذي يهيئ للاشخاص فرصا متعددة للاتصال والتفاعل مع بعضهم البعض، فكثيرا ما يبدأ التعارف بين الاشخاص نتيجة لقربهم وتجاورهم، سواء في المسكن، او الفصل الدراسي، او محل العمل. وهناك العديد من الدراسات النفسية والاجتماعية التي تكشف عن العلاقة الايجابية بين التقارب المكاني والتجاذب بين الاشخاص.
وفي احدى هذه الدراسات اجريت مقارنات بين علاقات البيض والسود الذين يعيشون في مبان سكنية مشتركة (ثجمع بين البيض والزنوج) اوغير مشتركة، وتبين ان البيض والزنوج الذين اقاموا على مقربة من بعضهم البعض عقدوا فيما بينهم علاقات اجتماعية حميمة بقدر لم يتيسر للبيض والزنوج الذين اقاموا في مساكن متباعدة.
كما اتضح من دراسة ثانية ان الطلاب الذين تجاورت مقاعدهم في قاعة المحاضرات، تعرفوا على بعضهم البعض بدرجة تفوق ما حدث من تعارف بين طلاب تباعدت مقاعدهم.
واظهرت دراسة ثالثة اجريت على طلاب احدى المدن الجماعية، وزع فيها الطلاب على الحجرات بحيث يقطن طالبان فقط في كل حجرة. ولم يؤخذبالتخصص الدراسي او باي متغير اخر يمكن ان يؤثر على علاقات الصداقة، كاساس لتوزيع الطلاب على الحجرات، وكشفت النتائج أنمعظم الطلاب الذين كنوا معا توثقت بينهم عرى الصداقة، وان أغلب الطلاب الذين سكنوا في أماكن متطرفة تقلصت علاقاتهم الأجتماعية مع زملائهم .
(86-84(shaw،1977، pp. كل ذلك يؤكد تاثير التقارب المكاني كمحدد للتجاذب دائما. بل قد يترتب عليه احيانا شعور بالنفور، وهو ما يمكن أن نلاحضه في علاقات الجيران ببعظهم البعض. وبهذا المعنى تتمثل قيمة التقارب المكاني في انه يهيء فرص التفاعل و الأتصال بين الأشخاص، لكن علاقتهم يمكن أن تقوى أو تفتر أو تنعدم، بناء على ما يتوفر من محددات أخرى في الموقف تلغب دورا اساسيا في دعم التجاذب، وفي مقدمتها تماثل الأتجاهات، أو القيم، أو سمات شخصية، او الظروف الأسرية و الأجتماعية .... الخ.
الجاذبية الجسمية:
نعني بالجاذبية الجسمية مستوى الوسامة، أو الجمال، أو تناسق الملامح الذي يتصف به أحد الأشخاص، ذكرا أو انثى، كعامل مؤثر في تحديد درجة التجاذب بين الأفراد. ويتوقع أن يزداد هذا التأثير في حالة العلاقات بىن الجنسين بصفة خاصة.
وقد أوضحت احدى الدراسات التي تناولت هذا المتغير أن الجاذبية الجسمية تظل محددا قويا للاتجاذب بين الأشخاص، حتى وانتعارضت تصرفات الشخص الجذاب مع النشاطات التي تنهض بها الجماعة لتحقيق هدف مشترك.
(shaw.1977.p.86)


كما أوضحت دراسة اخرى ان هناك ميلا عام لدى معظم الأفراد للأدراك الأشخاص المتمتعين بالجاذبية الجسمية على أنهم أفضل، في وجوه متعددة من الأشخاص الأقل جاذبية أو جمالا أو وسامة،ففي تلكالدراسة غرضت على مجموعة من المبحوثثىن صور لثلاثة اشخاص متفاوتين في الجاذبية الجسمية،(الأول منخفض في درجة الجاذبية، والثاني متوسط والثالث على درجة عالية من الجاذبية الجسمية).وطلب من كل مبحوث شارك في التجربة النظر الىالصور الثلاث، ثم تقدير بعض الخصال الشخصية التي يرى انها تميز صاحب كل صورة منها، وبدون توافر اية معلومات اضافية عنه. وأوضحت النتائج ان المبحوثين قد نسبوا الى الأشخاص مرتفعي الجاذبية الجسمية قدرا من الخصال الأيجابية يفوق ما نسب الى منخفضي الجاذبية، فقد تصور المبحوثون ان الأفراد ذو الجاذبية العالية أكثر نجاحا في عملهم، واكثر سعادة في حياتهم الزوجية، وأفضل توافقا في في حياتهم الأجتماعية بصفة عامة، وظل هذا التقدير قائما وثابتا سواءا كانت الصور لأشخاص من نفس الجنس او من الجنس الأخر
& .hendrick.1983.p.50)(hendrick

ويبدوا أن النظرة المتحيزة لخصال الأشخاص مرتفعي الجاذبية الجسمية تؤدي الى تحيز في الأسلوب الذي يعايعاملون به في حياتهم اليومية، بالقياس الى الأشخاص منخفضي الجاذبية، والدليل على ذلك نستمده من دراسة تجريبة قدمت فيها مجمةعة من المقالات لمجموعة من المبحوثين، وطلب منهم تقييم كفاءت المقالة و قدرة كاتبها، و ارفقت بالمقالات صور شخصية لكتاب لتلك المقالات و روعي أن تتفاوت فيما يظهر فيها من عناصر الجاذبية الجسمية (الجمال، الوسامة...الخ). وأظهرت النتائج انه كلما تميزت صورة كاتب المقالة بالجاذبية ارتفعت التقديرات التي تحصل عليها مقالته بصرف النظر عن المستوى الحقيقي للمقالة، اما ما استنتجه الباحث بناء على هذه النتيجة فهو ان الجمال يمكن ان يؤدي الى التحيز في الحكم على جودة الأعمال الصادرة من الشخص الجمييل أو الوسيم، في اتجاه المبالغة في تقدير كفائتها(المرجع السابق، ص 51).

كذلك عن الباحثون بالتعرف على حدود و ظروف تاثير الجاذبية الجسمية فيتشكيل علاقات الأفراد، وتوصلوا الى خلاصة مؤادها ان الجاذبية الجسمية يكون لها اثرها القوى في تحديد درجة التجاذب بين الأشخاص عند بدء التعارف، وفي بدايات التفاعل الأجتماعي فيما بينهم، وعندما لا تتوافر لديهم معلومات كافية عن الأخرين، حيث يصبح الشكل أو المظهر الخارجي هو المعيار الذي يعتمد عليه في ادراك خصالهم، ولكن بمضي الوقت ومع تراكهم خبرات التفاعل الحقيقي فيما بين اعضاء الجماعة يقل التركيز على الجوانب الجسيمة او المظهرية،ويزداد تأثير المتغيرات الشخصية الجوهرية في تحديد درجة التجاذب فيما بينهم.

التماثل بين الأشخاص:

يعد التماثل (او التشابه) اكثر المحددات تاثيرا في التجاذب بين الأشخاص، فالأفراد عادة أكثر قبولا لمن يشبهونهم في سماتهم الشخصية او قدراتهم العقلية، أو ميولهم، أو اهتماماتهم، او عاداتهم، أو مستواهم الأجتماعي و الأقتصادي. و يكتسب هذا التماثل أهمية خاصة في هذا الصدد لأعتبارات متعددة،منها ان الأشخاص المتشابهين يكونون اكثر تفاهما؛ اذا تلتقي أفكارهم حول العديد من الموضوعات الأساسية في الحياة و باتالي يؤيد و يدعم كل منهم وجهة نظر الطرف الأخر نحو هذه الموضوعات، مما ينمي روابط المحبة و المودة بينهم.

وقد أوضحت الدراسات وجود علا قة طردية قوية بين التماثل و التجاذب بين الأشخاص. ومنها التصديق على اللأراء و المعتقدات الشخصية، وتاكيد صحتها، ودعم الثقة بالنفس، وتهيات فرص اوفر للمشاركة في اهتمامات و نشاطات و ميول محببة الى النقس نظرا لتشابه اهتمامات هؤلاء الأشخاص
((byrne،1971،pp. 337-355 .
ويكفي ان نشير هنا الى الدراسة التى اجراها بيرن
byrne
في هذا الموضوع، والتي تكشف بوضوح علاقة التماثل بالتجاذب. حيث قدم المجموعة من المبحوثين من طلاب الجامعة استخبارا يقيس سماتهم الشخصية، و اتجاهتهم نحو بعض الموضوعات، وبعد ان صحح الباحث لأستخبار اعد مجموعة من الأستخبارات الممائلة، وراعي في اعدادها تنويع وجه التمائل بينها وبين إجابات المبحوثين، بمعنى ان تكون متماثلة تماما مع إجابتهم، او غير متماثلة على الأطلاق. ثم قدم الأستخبارات الزائفة و المجاب عنها الى المبحوثين، وادعي ان بعض الأشخاص قد اجابوا عنها، وطلب منهم ان يعبروا عن مدى شعورهم بالتجاذب اوعدم التجاذب نحو الأشخاص الذين نسبت اليهم تلك الأستخبارات.
و يبين الشكل
(1) نتائج هذه التجربة، والتي تبرهن بوضوح على انه كلما زادت نسبة التجاهات المتماثلة لدى بعض الأشخاص، زاد الشعور بالتجاذب فيما بينهم. ويطلق بيرن على هذه العلاقة المطردة بين التماثل و التجاذب اسم(قانون التجاذب) .& hendrick.1983.pp33-34 (hendrick


مع ذلك تجدر الأشارة الى أنه في بعض الأحيان يؤدي توافق حاجات يشبع كل طرف حاجات الطرف الأخر؛ فيقوى التجاذب فيما بينهم، ويتحقق توافق الحاجات عندما تتوافر الحاجة نفسها بين شخصين. ولكن بدرجات متفاوتة الشدة، كان يشعر أحدهما برغبة أقل أو أضعف في السيطرة، فتنشأ بينهما-نتيجة هذا التفاوت في هذه الرغبة-علاقة ناجحة لا يشوبها التنازع على السيطرة.

ويحدث توافق الحاجات أيضا عندما تنشا بين طرفي الغلاقة دوافع متقابلة، كأن يشعر أحدهما بحاجة قوية الى احتواء الأخر ورعايته في حين يشعر الطرف الأخر بحاجة شديدة إلى الحنان وتلقى الرعاية، فهنا يمكن أن تقوم بينما علاقة متناغمة يشبع فيها كل منهما حاجته الخاصة (المرجع السابق، ص38).
هذا ما يتصل بالتجاذب بين أعضاء الجماعة كدافع من دوافع تكوينها، ويبقى المحدد الأخير من محددات تكوين الجماعة، ويقصد به مدى جاذبية أهداف الجماعة للأفراد.
 

ج- جاذبية أهداف ونشاطات الجماعة:
ينضم الأفراد إلى الجماعات التي تحقق الأهداف التي يتطلعون إلى تحقيقها، وفي بعض الأحيان ينتمي الفرد إلى جماعة معينة لشعوره بالانجذاب نحو النشاطات التي تمارس فيها.
والمثال الذي يوضح الحالة الأولى انضمام فرد ما إلى جماعة معينة تكونت بهدف جمع تبرعات لبناء مدرسة أو مسجد أو ناد اجتماعي أو سياحة رياضية مثلا، لاقتناعه بأهمية وجدارة هذا الهدف.

والمثال الذي يعبر عن الحالة الثانية التحاق شخص ما بأحد النوادي، أو رغبته في الاستمتاع بالنشاط الاجتماعي أو الرياضي الذي يمارس فيه.

والغالب أن تقترن الجاذبية لأهداف الجماعة، بالجاذبية نحو نشاطاتها، فأغلب الظن أن الفرد الذي ينتمي إلى جماعة هدفها جمع تبرعات لبناء مدرسة، على سبيل المثال سيكون راضيا في الوقت نفسه عن النشاطات التي تمارسها الجماعة لتحقيق هذا الهدف. ويندر أن ينظم فرد جماعة وهو يشعر بالرضا عن أهدافها دون نشطتها، أو العكس، ومن الأمثلة التي تكتشف هذه الحالات الناذرة انضمام شخص لإحدى الجماعات التي تستهدف جمع الأموال لأحد المشروعات، ليس لحرصه على هذا الهدف، ولكن لرغبته في الاستمتاع بالنشاطات الفنية أو الرياضية التي تنظمها الجماعة لجمع التبرعات وتدبير الأموال اللازمة
(Shaw, 1977, PP.91-93 ).
هذه هي الحاجات أو الدوافع النفسية الثلاثة، التي تسهم بدور فعال في تكوين الجماعات الإنسانية، وهي الحاجة إلى الانتماء، والجاذبية نحو أهداف الجماعة ونشاطاتها. ويبقى أن نشير هنا إلى أن الجماعة، مع كونها تشبع كل هذه الحاجات من داخلها، فإنها تشبع حاجات نفسية للأفراد من خارجها أيضا، وذلك حين ينتمي الفرد إلى جماعة معينة لإعتقاده بأنها يمكن أن تحقق له أهدافا خارجية لن تتيسر له إلا من خلال عضويته فيها، حيث تصبح الجماعة في هذه الحالة وسيلة لإشباع حاجات شخصية، وليست غاية في ذاتها، ومن بين الحاجات التي يمكن أن تشبعها الجماعة لأعضائها من خارجها:
- الجاذبية لأشخاص خارج الجماعة.
- الجاذبية لأهداف خارج الجماعة.
فقد ينضم بعض الأشخاص إلى أحزاب سياسية انعقادا منهم بأن عضويتهم الحزبية ستهيئ لهم فرص الاتصال بمسئولين من ذوي السلطة و النفوذ (أو الجماعة)، الأمر الذي يمهد لهم فرص تحقيق مصالحهم أو أهدافهم الشخصية التي تمكن خارج الجماعة (المرجع السابق، ص95).

محاور الإهتمام في دراسات ديناميات الجماعة:

تستوعب محاور الإهتمام في دراسات ديناميات الجماعة مجموعة المتغيرات المؤثرة في الجماعات الصغيرة بصورة أو بأخرى، وتمثل الموضوعات أو الجوانب الآتية أهم محاور الإهتمام في دراسات ديناميات الجماعة:أولا: تماسك الجماعة.
ثانيا: بناء الجماعة.
ثالثا: المجاراة الإجتماعية.
رابعا: القوة الإجتماعية.
خامسا: اهداف الجماعة.
سادسا: مستوى طموح الجماعة.

ونتناول فيما يلي كل جانب منها بشيء من التفصيل.

أولا:تماسك الجماعة:
يشير تماسك الجماعة إلى "درجة حرص أعضائها على الإنتماء إليها والاستمرار فيها"، ويعرف التماسك أيضا بأنه "محصلة القوى التي تمارسها الجماعة لكي تحافظ على عضوية أفرادها".
(Berkowitz,1986.P.285)

والواقع أن درجة تماسك الجماعة تتحدد في ضوء عدد من المتغيرات النفسية والاجتماعية، أهمها ما يأتي:
أ‌- شعور أعضاء الجماعة بالتجاذب والحب نحو بعضهم البعض،وقد تناولنا من قبل أهم المتغيرات التي تزيد الشعور بالتجاذب بين الأشخاص، وذكرنا أن تماثل الأشخاص يعد أقوى محددات التجاذب فيما بينهم.
ب- قدرة الجماعة على تحقيق الأهداف الخاصة لأعضائها حيث يتمسك الأفراد بعضوية الجماعة إذا أدركوا أن عضويتهم فيها ستؤدي إلى نتائج مرغوبة بالنسبة لهم، وتتباين طبيعة هذه النتائج المرغوبة باختلاف نوع الجماعة، فإذا اخدنا جماعة العمل كمثال، فسيكون في مقدمة الأهداف أو النتائج التي يبغى الأفراد تحقيقها الحصول على أجر مجز، وتوفير فرص الترقية التي تمنح الفرد الشعور بالثقة بالنفس وتعينه على تحقيق ذاته.
ج- الشعور بالتهديد المشترك، أو الخوف من عدو خارجي، فتشير نتائج الدراسات على أن الجماعة تصبح اكثر تماسكا عندما تهددها الأخطار الخارجية، حيث يحاول الأفراد تجميع طاقاتهم لدفع هذه الأخطار. ومن أمثلة التهديدات التي تزيد تماسك الجماعة وقوع الكوارث الطبيعية بصورها المختلفة، انتشار الأمراض والأوبئة، وتعرض الجماعة للإعتداء الخارجي.
وتوضح بحوث ديناميات الجماعة لا يؤكد أن مواجهة عدو مشترك يؤدي إلى بلوغ تماسك الجماعة أعلى درجاته، ففي إحدى الدراسات تبين أن أصحاب المحال الصغيرة اصبحوا أكثر رغبة في عقد لقاءات واجتماعات بينهم عندما علموا أن سوقا كبيرا سوف يقام على مقربة من محالهم الصغيرة، وفي دراسة أخرى استطاع الباحث أن يقلل الصراع القائم بين معسكرين للطلاب، عندما طلب منهم أن يشكلوا من بينهم فريقا مشتركا ينافسون به معسكرا ثالثا في بعض النشاطات الرياضية
(Shaw,1977,P.91.Tedeschi., 1985.P.350).

ويؤثر تماسك الجماعة تأثيرا ملحوظا في مختلف الأبعاد وجوانب الجماعة، وأهمها الجوانب التالية:
أ‌- التفاعل الاجتماعي بين الأشخاص:
 فيلاحظ أنه كلما زادت جاذبية الجماعة وتماسكها تزايدت معدلات التفاعل الاجتماعي الودي بين أعضائها، وزاد في الوقت نفسه استمتاع الأشخاص بالتفاعل فيما بينهم وبين بعضهم البعض، كما يمكن أن تحل الخلافات والصراعات بينهم بسهولة ويسر (Tedeschi et al.,1985.P.350)
ب- التأثير الاجتماعي:
 حيث تمارس الجماعات المتماسكة تأثيرا اكبر على سلوك أعضائها، يتجلى في حرصهم على الامتثال لمعاييرها والالتزام بالقواعد التي تفرضها لتنظيم سلوكهم.

فالجماعة المتماسكة هي الجماعة التي يشعر أعضاؤها بالجاذبية نحو أهدافها(أو ما يمكن أن تحققه لهم من مصالح شخصية) مما يجعلهم معتمدين عليها بدرجة كبيرة، إلى حد الانصياع لتأثيرها خشية تعرضهم للفرض الأعضاء الآخرين، الأمر الذي قد يهدد مصالحهم ويتعارض مع رغباتهم.
 ومن ناحية أخرى يشعر الأفراد في الجماعات المتماسكة بقدر كبير من التجاذب نحو بعضهم البعض، وبما أننا نرضى غالبا عن سلوك من نحبهم ونرفض سلوك من نكرههم، فكذلك أن أعضاء الجماعات المتماسكة أكثر مجاراة لسلوك بعضهم البعض، لشورهم_ بأن السلوك الذي يحاكونه هو السلوك الصحيح المرغوب فيه(Berkawitz,1986,P.288)

ج- الشعور بالسعادة والرضى:
 فيشعر أعضاء الجماعات المتماسكة بقدر أكبر من السعادة والرضى عن أنفسهم لقدرة هذه الجماعات على إشباع الحاجات الأساسية لأعضائها، وتقديم المساندة النفسية لهم في أوقات الشدة، ولما يميز مناخ التفاعل الاجتماعى فيها من خصائص إيجابية تساعد الأعضاء على الاستقلال وتحقيق الذات .

وتثبت البحوث التجريبية تميز الجماعة المتماسكة في هذه الجوانب،ففي دراسة منها عمل مجموعة من طلبة الجامعة في ظل جو مشحون بالتوتر الانفعالي وكانوا مرة مع أحد أصدقائهم،ومرة أخرى مع شخص غريب عنهم، وقرر الطلاب أنهم كانوا أقل توترا في صحبة أصدقائهم.وفي دراسة ثانية وضع مجموعة من الأطفال في بيئة غير مألوفة لهم، وكانوا إما مع صديق لهم أو بصحبة شخص غريب عنهم،وأظهرت النتائج أن الأطفال كانوا أقل شعورا بالضيق في الظرف التجريبي الاول، مما يوضح أثر المساندة الوجدانية التي تقدمها الجماعات المتماسكة في خفض الشعور بالقلق والتوتر في مواقف الشدة والمشقة،
1986 (Berkawitz .p.289)


انتاجية الجماعة:
على الرغم من ان الجماعة المتماسكة قد لا تكون بالضرورة أفضل من الجماعة غير المتماسكة من حيث كم الوحدات المنتجة، إلا أن أغلب الدراسات توضح ان الجماعة المتماسكة تفوق غيرها من حيث جودة الانتاج (205.ح،1977،SHAW ).
ويمكن قياس درجة تماسك الجماعة باستخدام بعض الأساليب العلمية، يدخل فيها ما يأتي:
أ‌) الاختبارات السوسيومترية:
 وهي اختبارات تستهدف الكشف عن نمط اختيارات الحب أو الكراهية بين أعضاء الجماعة. وفيها يطلب من كل عضو أن يذكر أسماء أحب الأعضاء إلى نفسه، أو أن يحدد مجموعة الاعضاء الذين يفضل أن يعمل معهم، وفي صيغ أخرى يطلب من كل عضو أن يرتب بقية أعضاء الجماعة وفقا لشعوره بالانجذاب نحوهم.والمفترض ان يزيد تماسك الجماعة كلما ارتفعت نسبة الاختيارات الايجابية التي تتضمن مشاعر الحب والتفضيل والتقبل والصداقة بين الأعضاء.
ب‌) التكرار النسبي للضمير "نحن" في مقابل الضمير "أنا" في مناقشات الجماعة،إذا يعبر استخدام الضمير "نحن" بتكرار أكبر عن قدر متزايد من المشاركة والتوحد بين الأفراد
(197.ح،1977،SHAW )
.
ج) المواظبة على اجتماعات الجماعة، وفترات العمل التي تحددها، إذ تعكس المواظبة هنا مدى دافعية الاعضاء،ومقدار حرصهم على نجاح الجماعة. ولا يقف الأمر عند الأنشطة التي تجري في هذه الاجتماعات
(287.ح،1986،BBERKAWITZ).

د) سؤال الافراد بشكل مباشر عن مدى رغبتهم في الإبقاء على عضويتهم في الجماعة
(197.ح،1977،SHAW ).

ثانيا :بناء الجماعة الصغيرة:

في أية جماعة،صغيرة أو كبيرة،يتفاوت الأفراد تفاوتا كبيرا فيما يتميزون به من خصال نفسية،فمن اليسير أن نتبين وجود فروق فردية بينهم من حيث نشاطهم،أو جاذبيتهم،أو قدراتهم القيادية،أو قوتهم الاجتماعية، أو قدرتهم على التواصل مع بقية أعضاء الجماعة. وتتباين اهتمامات الافراد داخل الجماعة أيضا،فيركز بعضهم على إنجاز أعمالهم، بينما يبدي الآخرون إهتماما لأكبر بقضاء أوقات لطيفة مع زملائهم،وتتسم هذه التباينات بالاستقرار والاستمرار عبر فترات زمنية طويلة،وتمثل هذه التباينات أو الفروق بين أعضاء الجماعة ما نقصده بمصطلح "بناء الجماعة" وهو ما يمكن أن نعرفه بأنه"نمط العلاقات الثابت نسبيا بين الاجزاء المتمايزة للجماعة"،
RKOWITZ.P.289K1986 K) فعلى سبيل المثال يشير "البناء القيادي" إلى تدرج السلطة في الجماعة، والفروق بين الافراد في تسلسل السلطة،ويعبر بناء التجاذب عن الفروق النوعية في درجة الحب والتقبل التي يحظى بها كل عضو، ويعكس بناء الاتصال الفروق بين الأفراد في قدرتهم على تلقي ونقل المعلومات،إذن هنا كعدة أبنية للجماعة تدخل في أو تندرج تحت بناء الجماعة بوجه عام، وبالتالي عندما نتحدث عن بناء الجماعة فإنما نقصد المحصلة النهائية لهذه الأبنية الفرعية جميعا (237 SHAW,197,P. ).ويسهم في تشكيل بناء الجماعة عدد من المتغيرات ،ومنها الجماعة في تحقيق أفضل أداء ممكن، ذلك أن الجماعة تقوم في الأساس لتحقيق أهداف معينة، ولذا تقييم التنظيمات التي تسهم في تحقيق تلك الاهداف، ومن هذه التنظيمات اختيار قائد للجماعة، تكون مهمته توجيه جهود أعضاء الجماعة نحو الهدف المنشود (المرجع السابق، ص 241 –244).كذلك يتميز بناء الجماعة بعدة خصائص من بينها ما يأتي:
التدرج الهرمي: إذ يتفاوت الأفراد في المواضع أو المناصب التي يشغلونها في بناء الجماعة، وفي المكانة التي يتمتعون بها، والدور المتوقع من كل منهم. ويعتبر مفهوم المكانة هنا عن درجة الاهمية أو النفوذ أو الاحترام التي يحظى بها أحد الأشخاص من جانب بقية أعضاء الجماعة. وتتناسب المكانة العالية التي يتمتع بها شخص ما مع ما يميزه من خصال إيجابية، أو ما يتوافر له من ظروف اجتماعية تجعله مرموقا في جماعته، ومن ذلك مستوى التعليم المرتفع، والخبرة النادرة في مجال العمل، والثروة الطائلة، إلى غير ذلك من جوانب تقدرها الجماعة.
أما مفهوم الدور فيشير إلى ضروب السلوك المتوقعة من الشخص الذي يشغل موضعا ما،أو وظيفة معينة في الجماعة.
ويبين الشكل رقم
(2) نموذجا لبناء إحدى المؤسسات الرسمية المحدودة، وهي فرع المبيعات في إحدى الشركات،حتى نتعرف على طبيعة الفروق بين أدوار الأشخاص ومكاناتهم، وهو ما يعبر عنه التدرج الهرمي والذي يعد أبرز خصائص بناء الجماعة.




يكشف الشكل عن بروز ثلاثة مستويات لمكانة الأفراد، ففي المستوى الأول منصب المدير، يتمتع بأعلى مكانة،حيث يحظى بالهيبة والاحترام ويمتلك أقصى إمكانيات التأثير والنفوذ والاتصال بكافة الأطراف. ويتمثل دوره الأساسي في وضع سياسة المؤسسة، أما نائبا المدير فيتمتعان بمكانة متوسطة وهما أقل هيبة ونفوذا وتأثيرا وتحكما في الاتصالات، ودورهما الأساسي هو معاونة المدير، ونقل القرارات إلى المستويات الادنى.ويتصف البائعون بمكانة أقل من نائب المدير، وهم أقل تأثيرا في سياسة المؤسسة، ودورهم الأساسي هو بيع المنتجات.

ب‌) طبيعة البناء:
رسمي-غير رسمي:ذلك انه يمكن التمييز بين نوعين من البناء، البناء الرسمي، والبناء غير الرسمي. ويقصد بالبناء الرسمي، البناء الذي تحدده المؤسسة الكبرى التي تنتمي الجماعة إليها، وهو بناء مكتوب ومعلن، ويسبق احيانا تكوين الجماعة.والشكل السابق يعبر عن بناء رسمي بالمعنى المشار إليه.أما البناء غير الرسمي للجماعة فيقصد به البناء الضمني، او غير المكتوب، والذي لا يعنى به أعضاء الجماعة رغم وعيهم به،ومن أمثلتة "بناء التجاذب" في جماعة الأصدقاء، أي الفروق بينهم في درجة الحب والجاذبية والشعبية....إلخ.

ج) استقلال بناء الجماعة عن الافراد:
 حيث يفرض بناء الجماعة أدوارا معينة على الأشخاص بحسب مواضعهم، وبحسب ما يتوافر من مؤهلات تتناسب وطبيعة الدور المنوط بهم بصرف النظر عن هويتهم او شخصياتهم.

د) الثبات النسبي:
 فيتميز بناء الجماعة بالثبات النسبي، عبر فترات زمنية طويلة، رغم التغير المستمر في أعضاء الجماعة، بمعنى أن قيم الجماعة ومعاييرها المنظمة لسلوكها تظل رغم خروج بعض الأشخاص من عضويتها، أو انضمام أشخاص جدد إليها (SHAW,1977,PP.238-244 )

ثالثا:المجاراة الاجتماعية :

يقصد بالمجاورة "ميل الفرد إلى الانصياع للضغوط الاجتماعية التي تمارسها الجماعة عليه، أو هي صور السلوك والاتجاهات التي تفرضها المعايير والأدوار والاعراف الاجتماعية
" ENGLISH &ENGLISH, 1983,P.10) ، وتقلص المجاراة الاجتماعية بتقدير مدى تغيير الفرد لسلوكه أو معتقداته وأحكامه عند تعرضه لضغوط الجماعة (KIESLER&KIESLER,1970,P.2) ويقصد بالضغط الاجتماعي العمليات التي تفرض الجماعة من خلالها تأثيرها على الفرد كى يجاري معاييرها ومن أساليب الضغط الاجتماعي التهديد بممارسة النفوذ، ومنها أيضا المتطلبات التي تفرضها الجماعة على الشخص وتوقعاته لسلوكه...إلخ (المرجع السابق ص31).

ويفرق الباحثين بين الإذعان والتقبل الخاص،فيشير الاذعان إلى اصدار الفرد للسلوك الذي ترغبه الجماعة بدون التقبل الداخلي من جانبه، أو دون اقتناع بمعتقدات واتجاهات الجماعة، وتكون المجاراة هنا خشية التعرض لتهديد الجماعة او العواقب السلبية للمخالفة. أما التقبل فيتضمن المجاراة الادارية، بقدر كبير من الرضى الداخلي، حيث يغير الفرد اتجاهاته ومعتقداته حتى تتواءم مع اتجاهات ومعتقدات جماعته (المرجع السابق ص3-2 ).
وتنهض المجاراة بوظيفة هامة، بالنسبة للجماعة والفرد، ومنها وظيفة الحفاظ على تماسك الجماعة، والإسهام في تحقيق أهدافها، وحصول الفرد على التأييد المادي والنفسي من جانب الجماعة، وتأكيد مصداقية وصحة الآراء الشخصية عندما يتبين الفرد أن رأيه متسق مع رأي الأغلبية
BACKMAN ,1974,P.30 )&(SECONDE

ويؤثر في تحديد درجة مجاراة الفرد لجماعته، عدد من المتغيرات، ومن أهمها:
أ‌) سمات الشخصية: حيث تزيد معدلات المجاراة بين الأشخاص الأقل ذكاء، والذين لا يميلون للمشاركة الاجتماعية، والأقل ميلا للقيادة، وكذلك بين الإناث، مقارنات بالذكور.
ب‌) غموض المنبه او الموضوع او الموقف الذي يجاري فيه الفرد، فحين يجد الفرد نفسه في موقف غامض، ولا يسهل عليه الحسم فيه، يزداد احتمال مجاراته لاستجابات بقية أفراد الجماعة.
ج) الإجماع على رأي مخالف، فحيث يكون هناك اجماع من عدد كبير من اعضاء الجماعة على رأي مخالف لوجهة نظر الفرد،تضعف ثقته بنفسه، فيميل إلى مجاراة الأغلبية.
د) طبيعة العلاقات بين أفراد الجماعة، فتزيد المجاراة بين أفراد الجماعات المتماسكة، وعندما يتوقع الفرد استمرار عضويته في تلك الجماعة، كما تزداد احتمال المجاراة عندما تقل ثقة الفرد في دقة إحكامه، وتزيد ثقته في كفاءة الأغلبية،وهذا ما يوضحه الشكل رقم
(3)
فيمايلي:
 




شكل (3) ويوضح مدى العلاقة بين المجاراة و تصور الشخص لكفأة الأغلبية.
حيث يتبين من الشكل أن الأفراد منخفضي الثقة يجارون الجماعة بدرجة اكبر، الافراد مرتفعي الثقة، وسواء كانت ثقة الفرد في نفسه منخفضة او مرتفعة، فإن مجاراته للجماعة تزيد كلما زادت ثقته في كفاءة الاغلبية (SHAW,1977,PP.253-256 )

رابعا: القوة الاجتماعية :
 
يمكن تعريف "القوة الاجتماعية بأنها قدرة أحد الأشخاص (ويرمز له بالشخص أ) على التحكم في شخص آخر(ويرمز له بالشخص ب) أو التأثير فيه بطريقة ويقاس مقدار هذا التأثير درجة التغير أو التعديل الذي طر أعلى أي جانب من جوانب المجال النفسي للشخص (ب) والذي يمكن ان يتضمن السلوك والاتجاهات، والأهداف والحاجات، والقيم نتيجة لممارسة القوة الاجتماعية (French &raven, 1968,pp.260-26.. ).
كذلك يمكن تعريف القوة الاجتماعية أيضا بأنها القدرة على التحكم في المدعمات والموارد والآثار الطبية التي يرغبها الشخص الآخر (ب)، وتزيد القوة الاجتماعية للشخص (أ) كلما زادت قدرته على إثابة، أو عقاب الشخص (ب) دون أن يتحمل تكلفة عالية عند الإثابة او العقاب
(secord &backman ,1974,p245 ) وتستمد القوة الاجتماعية تأثيرها من خمسة مصادر مختلفة، ومتباينة الشدة، هي:
أ‌) قوة الإثابة:
 وتعني قدرة أحد الأشخاص على توصيل المدعمات الإيجابية للآخرين،ويزداد تأثيرها عندما يدرك الفرد (ب) أنه بمقدوره أن يحصل على تلك المدعمات في حالة مجاراته لتوقعات الفرد (أ) باعتباره مصدر القوة، بينما سيحرم منها إذا لم يجاريها.
وتتعدد أشكال الإثابة او التدعيم ويدخل فيها التدعيم اللفظي (كالشكر والثناء)، والترقية،والمكافأة المادية وزيادة الاجر.
ب‌) قوة العقاب أو الإكراه :
وتمثل القطب المقابل لقوة الإثابة، وتكمن في قدرة الطرف (أ) على إيقاع العقاب بصوره المختلفة على الظرف (ب)، ومن صورها النقد اللاذع، والتجريح اللفظي،والخصم المادي،والطرد، والنقل والفصل من العمل.
وفي حين تؤدي الإثابة المتكررة على خلق علاقة تجاذب مع مصدر التدعيم يتسبب تكرار العقاب في الشعور بالنفور والرغبة في تجنب مواقف المواجهة مع مصدر العقاب.
ج) قوة الجاذبية والرغبة في التوحد: تعتمد هذه القوة على مشاعر الحب والتجاذب والرغبة في التوحد او التشبه بشخص آخر هو مصدر هذه القوة (الشخص أ)، نتيجة لتميزه بجاذبية عالية.وهنا يخضع الشخص (ب) لتأثير الشخص (أ) ذي الجاذبية العالية. وقد يضيق نطاق قوة الجاذبية إذا اقتصرت مشاعر الإعجاب على مجال نوعي محدد، مثل إتقان مهارات العمل، أو التفوق في رياضة معينة. وفي أغلب الأحيان يتسع تأثير قوة الجاذبية إذا امتد الإعجاب ليشمل خصالا سلوكية متعددة الجوانب.
د) قوة الخبرة:
 وذلك حين يتصور الشخص (ب) أن الطرف (أ) يمتلك قدرا من الخبرات والمعلومات والمهارات يمكنه (أي الشخص ب) أن ينتفع بها، ومن أمثلتها المشورة الطبية التي يقدمها طبيب ماهر،أو الاستشارة القانونية التي يقدمها محام متمرس، وينحصر نطاق هذه القوة عادة داخل إطار المجالات المعرفية حيث تكون الحاجة ملحة إلى تلقي معلومات أو خبرات معينة، وفي بعض الأحيان يمتد تأثيرها إلى المجالات السلوكية الأوسع نتيجة للجاذبية المتزايدة، وزيادة الانبهار بالشخص صاحب الخبرة، مما يجعله مؤثرا في كافة جوانب حياة الشخص (ب) .
هـ) القوة الشرعية:
حيث يستجيب الطرف (ب) لتأثير الطرف (أ) لاعتبارات معينة تفرضها القيم الثقافية والاجتماعية السائدة في المجتمع، ومنها:السنن والجنس، والطبقة الاجتماعية والخصائص البدنية (في بعض المجتمعات). ومن تلك القيم ما يحث على طاعة الصغير للأكبر سنا أو طاعة الزوجة لزوجها. وبالإضافة إلى هذا تستمد القوة الشرعية من رضا الشخص عن القيادة في جماعته، أو تفويض السلطة لأحد الأشخاص بواسطة السلطة الشرعية إذا استند ذلك التفويض إلى أسس ديمقراطية صحيحة. وفي أغلب الاحوال تقتصر حدود قوة السلطة أو التفويض على مجال العمل، بينما يتسع نطاق القوة القائمة على القيم الثقافية لتشمل معظم شؤون الفرد.

خامسا:أهداف الجماعة:

يعرف هدف الجماعة بأنه "الغاية التي يسعى لها أغلب الاعضاء وقد تتبنى الجماعة هدفا واحدا أو عدة أهداف، وهدف الجماعة هو محصلة المجموع أهداف الأفراد او هو الهدف الذي يوافق عليه معظم لاعضاء". وتزداد دافعية الافراد لتحقيق الهدف العام، عندما يدركون ان تحقيقه يسهم في إشباع أهدافهم الفردية، ومعنى ذلك ان الأفراد يحتفظون بأهدافهم الخاصة حتى بعد الانضمام للجماعة. وتبني هدفها العام. ويؤدي التوافق بين أهداف الأفراد تعارض الاهداف على التنافس في سبيل تحقيق الاهداف الخاصة
(SHAW,1977,PP.294-324)


ويشير كارترايت وزاندر
(CARTWRIGHT &ZANDER,1968,P.403) إلى خطوتين رئيسيتين تتحول عبرهما الاهداف الفردية إلى هدف عام للجماعة وهما:
الخطوة الأولى:
حين يضع الأفراد أهدافا للجماعة، أو تصورا للنتائج المرغوبة من وجهة نظر كل منهم، حيث، حيث ينضم الافراد أهدافا للجماعة، أو تصور للنتائج المرغوبة من وجهة نظر كل منهم، حيث ينضم الأفراد للجماعة لتحقيق أهداف خاصة. وهنا نجد فروقا بين الأعضاء،إذ يركز البعض على الأهداف الشخصية فقط، بينما يؤكد البعض الآخر الأهداف الجماعية. وعموما تتأثر الأهداف التي يضعها الأفراد بالاهداف العليا للجماعة، والتي تكونت أصلا للنهوض بها، خاصة في الجماعات الرسمية، كما تتأثر تلك الأهداف بتوقعات المجتمع، وبتصور الجماعات الآخرى، او القيادة العليا،لطبيعة العائد المتوقع من ورائها.
الخطوة الثانية: حين تتحول الأهداف الفردية إلى هدف عام تتركز فيه جهود الأفراد، ويؤثر في تلك الخطوة متغيرات متعددة، فلاأفراد الأقوى نفوذا والأكثر مشاركة في نشاط الجماعة تتزايد احتمالات تأثيرهم في الهدف العام للجماعة في الاتجاه الذي يلبي رغباتهم الخاصة أو العامة،كذلك تختلف الجماعة في طريقة تبنيها لأهدافها العامة، بتباين قدرات أفرادها على تحليل الوقائع وتبادل المعلومات والاقتراحات، وأخيرا تراعي الجماعة المتماسكة، وهي بصدد اختيار هدفها العام، مشاركة أغلب الاعضاء في القرار وعدم الإضرار بمصالحهم.

سادسا: مستوى طموح الجماعة:
يشير مستوى طموح الجماعة إلى "المعيار الذي يقيم به أعضاؤها مدى نجاحهم او فشلهم في إنجاز مهمة معينة"
(DREVERS,1953,P.153)، أو هو مستوى الأداء الذي يتوقعه الافراد لأنفسهم وهم بصدد إنجاز مهمة معينة
(SHAW,1977,P.447 ).
وقد عنى عدد من الباحثين بدراسة المتغيرات والظروف التي تؤثر في مستوى طموح الجماعة، وانتهى معظمهم إلى ان مرور الجماعة بخبرات ناجحة يرفع مستوى طموحها في المحاولات التالية، والعكس صحيح،إذ يؤدي الإحباط إلى خفض مستوى طموح الجماعة او ضعف لآمالها. كذلك تبين أن مستوى طموح الجماعات المتماسكة يزداد لتميزها بدافعية عالية للإنجاز.
ويلخص أحد الباحثين تأثير عدد كبير من المتغيرات في مستوى طموح الجماعة، في صورة مبادئ عامة، أو صيغ تقريرية، مفادها ما يأتي:
أ‌) يرتفع مستوى طموح الجماعة كلما تزايدت احتمالات النجاح في المهمة المكلفة بها، وحين تكون هذه المهمة على قدر كبير من الجاذبية والأهمية للأفراد.
ب‌) يزداد حرص الاعضاء على نجاح الجماعة عندما يدركون مسؤولياتهم عن مصيرها، وفي هذه الحالة يميلون إلى تبني أهداف متوسطة الصعوبة تكفل قدرا مرضيا من النجاح.
ج) يؤدي الارتفاع المقبول في مستوى طموح الجماعة إلى ارتفاع مقابل في مستوى الاداء.
د) تختلف دوافع الأفراد وهو بصدد تحديد اهداف الجماعة، فالبعض يسعى إلى تجنب الفشل، ولذا يميلون إلى اختيار أهداف غاية في السهولة، لتقليل احتمالات الفشل،أو شديدة الصعوبة حيث يلتمس لهم العذر إذا فشلوا فيها لصعوبتها، اما الأفراد الذين تحركهم الرغبة في النجاح، فيفضلون الأهداف متوسطة الصعوبة .
هـ) تؤثر الضغوط الخارجية على تحديد مستوى طموح الجماعة.ويزداد تأثير تلك الضغوط على الجماعات الفاشلة، بحيث تفقد حريتها في تحديد أهدافها بالمقارنة مع الجماعات التي تنجح في تحقيق أهدافها.
و) يشعر أفراد الجماعات المتماسكة بالرضى عن انجازهم الخاص عندما تنجح جماعاتهم في تحقيق أهدافها العامة، بينما يقيم أفراد الجماعات غير المتماسكة أداءهم الخاص، بغض النظر عن توفيق أو اخفاق الجماعات التي ينتمون إليها
(ZANDER,1968,PP.226-429.)

 صور الإفادة التطبيقية من بحوث ودراسات ديناميات الجماعة
ذكرنا في بداية هذا الفصل ان إحدى الملامح المميزة لديناميات الجماعة، إمكان الإفادة العملية من بحوثها ودراساتها في العديد من جوانب حياتنا الاجتماعية، وأن من بين إمكانيات الإفادة التطبيقية، رفع الروح المعنوية للجماعة، وتقليل الصراع بين افرادها، وتحديد أفضل أساليب القيادة وأنسبها لتحقيق أهداف الجماعة، وتحسين العلاقات بين الجماعات،وتخفيف مشاعر العداء والتعصب بين جماعتين أو اكثر .
وفيما يلي نقدم ثلاثا من صور الإفادة التطبيقية في مواقف مختلفة، هي مواقف التنشئة الاجتماعية، والتعليم المدرسي، والعلاج النفسي حيث يكون الهدف في كل منها تنمية سلوك التعاون، وتحسين التحصيل الدراسي، وعلاج سوء التوافق النفسي:
أ‌) تنمية سلوك التعاون:
يهدف القائمون على عملية التنشئة الاجتماعية إلى تنمية السلوك الاجتماعي الملائم عند النشئ، ويكون التعاون أبرز صور السلوك المحبذ اجتماعيا،إذ يتضمن مساعدة الآخرين، والتخطيط المشترك، وممارسة الانشطة الجماعية، ويقابله التنافس، والعدوان والانسحاب الاجتماعي (shaw,1977,p.376 )

وقد بينت دراسات عديدة اهمية التعاون على مستوى الافراد والجماعات، فيؤكد شوshaw ضرورة تعاون أفراد الجماعة لرفع كفاءة التفاعل الاجتماعي بينهم، مما يمهد لتحقيق أهداف الجماعة (المرجع السابق ص376)، ويضيق دوتش (deushc p.482 ,1968) أن على التربويين أن يراجعوا سياساتهم في تنشئة الاطفال، وأن يهيئوا الظروف لتسير التعاون بدلا من تصعيد التنافس بين الأطفال، وذلك بعد أن قارن بين جماعات متعاونة واخرى غير متعاونة، وتبين له أن الأفراد المتعاونين قد تفوقوا فيما يتصل بتآزر جهودهم، وتوزيع الانشطة فيما بينهم، والحرص على الإنجاز، والدافعية المرتفعة، والفهم المشترك،والنظام، وكم الانتاج، وجودته، وغلبة روح الصداقة في المناقشات والتقدير الايجابي للزملاء (المرجع السابق ص 481-482).

كذلك كشفت بحوث ديناميات الجماعة عن فاعلية أسلوبين رئيسيين في تنمية التعاون، وهما: التدعيم، والتنظيم، وفيما يلي نقدم بعض التفاصيل الخاصة بكل أسلوب منهما:

أسلوب التدعيم:
 ويقصد به استخدام المكافآت بكافة صورها (المادية والمعنوية )، لتشجيع السلوك الاجتماعي المرغوب، او العقاب لتقليل السلوك غير المرغوب، وفي مجال التعاون يؤثر التدعيم في سلوك التعاون، سواء كان بشكل مباشر او غير مباشر،فبالنسبة للتدعيم المباشر، بينت الدراسات أثره الكبير في اظهار الاستجابات التعاونية والاستمرار فيها،ولكن لوحظ اختفاء تلك الاستجابات بمجرد التوقف عن تقديم المدعمات، ولذا ينبغي التفكير في صور التدعيم التراكمي، التي تستمد من مشاعر الرضى الداخلية ،لاستمرار تأثيرها لفترة زمنية طويلة في مقابل المدعمات المادية الخارجية ذات المفعول المؤقت او قصير الاجل (shaw, 1977,p.376)
وفيما يتصل بالتدعيم غير المباشر، فقد ضمنه باندورا نظريته في التعلم الاجتماعي، حيث اوضح ان الفرد يمكنه ان يتعلم من خلال مشاهدة شخص آخر (يسمى النموذج او القدرة) وهو يصدر الاستجابة المرغوبة ويثاب عليها امام المتدرب الذي يراد تعليمه تلك الاستجابة، ثم يختبر في ظروف أخرى لمعرفة مدى تعلمه من سلوك النموذج او القدرة للتحقق من كفاءة أسلوب التعلم بالمشاهدة
(hilgard &bower,1977,p.601)

وفي مجال التعاون يذكر شو أهمية التعلم بالمشاهدة في تعلم الاستجابات التعاونية، ولإن لم تجر دراسة واقعية حتى الآن على مفحوصين من البشر
(shaw,1977,p.377) .

أسلوب تنظيم الجماعة والعمل: حيث أوضحت الدراسات أثر التنظيم في تشجيع التعاون، فقد أجرى تورانس Torrance دراسة في عام 1971 على مجموعة من الأطفال طلب منهم بناء قلاع من الرمال في موقفين مختلفين: في الموقف الأول طلب من الأطفال رسم عدة قلاع وتلوينها ثم طلب منهم، بعد ذلك، بناء أية قلعة يختارونها من القلاع الملونة. أما في الموقف الثاني فقد طلب من الاطفال بناء قلعة مباشرة دون أن يمروا بخبرة الرسم والتلوين، بذلك لم يمنحوا الفرصة لتنظيم العمل بشكل جيد، ثم قارن بين سلوك المجموعتين، وأوضحت نتائج المقارنة أن المجموعة المنظمة التي قامت برسم وتلوين النماذج أولا، أظهرت قدراََ أقل من الانسحاب، والعدوان اللفظي والبدني، كما تفوقت في التعاون والتخطيط
(Shaw, 1977, p.378).
ب‌) تحسين التحصيل الدراسي:
تحسين التحصيل الدراسي غاية يسعى إليها الآباء والمدرسون والقائمون على عملية التعليم في المدارس بكافة مراحلها. وقد ابتكرت أساليب عديدة لتحسين التحصيل الدراسي، ومنها توزيع التلاميذ على الفصول الدراسية بالشكل الذي يمكن أن يسهم في تحقيق ذلك الهدف، وجدير بالذكر أن توزيع التلاميذ على الفصول الدراسية يعتمد على عدة أسس، ومنها:
- تقارب المستوى الدراسي، ويسمى بالتجميع على أساس التجانس في القدرة.
- تفضيل التلميذ لمجموعة الزملاء الذين يرغب في الدراسة معهم ويسمى بالتجميع السوسيومتري، ويقوم على الاختبارات المتبادلة المعتمدة على علاقات الصداقة والتجاذب بين التلاميذ.

ويختلف تأثير كل من هذين الأسلوبين مما يقتضي أولا بالأهداف التربوية المرغوبة، ثم اختبار أسلوب التوزيع الذي ييسر تحقيق تلك الأهداف.

ونعرض الآن للأسس التي يعتمد عليها كل أسلوب، وتأثيره النوعي، حتى نتبين حدود الإفادة منه في الخدمة النفسية الاجتماعية في المجال التربوي.
التوزيع على أساس تقارب المستوى الدراسي:يفضل كثير من التربويين توزيع التلاميذ على أساس تجانس قدراته، حيث يختبر التلاميذ بأساليب مختلف، ومنها مقاييس الذكاء والاختبارات التحصيلية الموضوعية وتقديرات المدرسين لمستوى كل تلميذ، ثم يدرج كل منهم مع أقرانه الذين يماثلون في مستوى القدرة.

ويقدم المتحمسون لهذا الأسلوب عدة مبررات لتفصيلهم له، ومنها تيسير التحصيل الدراسي، ففي ظل التوزيع المتجانس يتعامل مدرس الفصل مع تلاميذ متقاربين في قدراتهم على الفهم، وبالتالي يمكنه أن يوحد أسلوب الشرح، كما لا يشعر التلميذ مرتفع القدرة أن زميله بطئ الفهم يعوقه عن التقدم، علاوة على هذا لا يشعر التلميذ منخفض القدرة بافتقاد الثقة بالنفس، إذا قارن مستواه بمستوى أقرانه مرتفعى القدرة.
وقد ظل التوزيع المتجانس سائداَ لفترة طويلة اعتماداََ على تلك المبررات دون إجراء دراسات واقعية للتحقق من تلك الآثار، ولكن أجرى عدد قليل من الدراسات مؤخراَ قورن فيها بين عدد من المدارس المتشابهة من حيث الحجم والمستوى الاقتصادي، ومن حيث كفاءة المدرسين، أخذ بعضهما بنظام التوزيع على أساس القدرات المتجانسة وأخذ بعضها الآخر بالتوزيع غير المتجانس، حيث يجمع الفصل بين تلاميذ متفاوتين في مستوى التحصيل والقدرات، وانتهت تلك الدراسات في مجملها إلى أن لنظام التوزيع المتجانس آثاراَ طيبة بالفعل بعض الجوانب، منها: رفع ثقة التلاميذ في أنفسهم (خاصة لدى منخفضي القدرة) وإرضاء المدرسين الذين يفضلون العمل مع تلاميذ متساويين في القدرة
(Shaw,1977, p367)، كما تبين أن التوزيع المتجانس يتيح فرصاَ أفضل لتكوين صداقات بين التلاميذ، لوجود قدر كبير من التماثل فيما بينهم.

من ناحية أخرى وخلافاَ  لما هو متوقع فقد تبين إن نظام التوزيع غير المتجانس أكفأَ في تيسير التحصيل الدراسي، حيث حصل طلاب الدارس التي استخدمت هذا الأسلوب على تقديرات مرتفعة في معظم المواد الدراسية
(Shaw, 1977 p 367)
وربما يفسر ذلك بارتفاع دافعية التلاميذ عندما يتباين مستواهم الدراسي ويكون التحسن- بالطبع- في صالح منخفضي القدرة، والذين تحركهم مشاعر التنافس، والرغبة في تقليل الفوارق، واكتساب الثقة بالنفس، مما يؤدي إلى تحسن مستواهم نسبياَ ، بالإضافة إلى مكان الإفادة من معلومات ومهارات زملائهم الأكثر تفوقاَ .

التجميع السوسيومتري:
يقوم على إتاحة الفرصة للتلاميذ لكي يختاروا زملائهم في المجموعات والفصول الدراسية، ويعتمد ذلك الاختبار على ما يتوافر لديهم من مشاعر الحب والصداقة فيما بينهم وبين بعضهم البعض. ويرى بعض الباحثين أن لهذا الأسلوب آثاراَ  إيجابية من شأنها تحسين التحصيل الدراسي، ويفسرون ذلك بأن المجموعات المتحابة تكون أكثر تماسكاَ ، وأن هذا التماسك يؤدي بدوره إلى التعاون وتوفير الطاقة بدلا من تبديدها في الصراع بين التلاميذ، وتوجيه طاقتهم لتحقيق مزيد من النجاح.

والواقع أنه لم تجر دراسات كافية للتحقق من تأثير التجميع السوسيومتري، ولكن تشير نتائج إحدى الدراسات التي أجريت في هذا الصدد أن التجميع السوسيومتري قد أسهم في تحسين التحصيل الدراسي في المراحل الأولى للعملية التعليمية، بينما تفوقت الجماعات غير المتماسكة في نهاية التجربة. ويبدو أن الجماعات المتماسكة قد انشغلت بممارسة النشاطات الاجتماعية والتفاعل الاجتماعي، بدلا من التركيز على المهمة الموكولة إليهم (وكانت تعلم هجاء عدد من الكلمات). وفي تجربة أخرى تبين أن تأثير التماسك يتوقف على نسبة ذكاء أعضاء الجماعة، إذ يتفوق أفراد الجماعات المتماسكة مرتفعو الذكاء على أفراد الجماعات غير المتماسكة مرتفعي الذكاء أيضاَ ، ولكن عندما ينخفض ذكاء التلاميذ تحقق أفضل النتائج عندما يرتفع ذكاء أعضائها، وعندما يتسمون بدافعية عالية، تتجلى في الحرص على التحصيل، والتفوق وضبط معدل النشاط الاجتماعي المعوق لتحصيل
(Shaw, 1977, p368).


جـ) علاج سوء التوافق الاجتماعي:
ترجع أهمية توظف الجانب الاجتماعي في علاج سوء التوافق إلى تصور مؤداه أن المرض النفسي يتضمن عجز الفرد عن التوافق الجيد مع المتطلبات التي يفرضها عليه مجتمعه، كما أن معايير السواء والشذوذ، والصحة والمرض هي معايير اجتماعية أساساَ  
(Mclemore & Benjamin)، ويعني ذلك أن سوء التوافق الاجتماعي هو أحد المعايير الأساسية التي يعتمد عليها في تقدير شدة الاضطراب النفسي، وفي تقييم العائد من البرامج العلاجية والتأهيلية.

ويمثل أسلوب " السيكودراما" الذي اقترحه مورينو
Moreno
في الخمسينات من هذا القرن أبرز المحاولات العلاجية التي يمكن من خلالها تخفيف حدة سوء التوافق الاجتماعي، ويعتمد هذا الأسلوب على تمثيل الأدوار سواء بهدف التشخيص أو العلاج، أو التوجيه، فمثلا قد يطلب المعالج من مريض يعاني من القلق وافتقاد الثقة في المواقف الاجتماعية تمثيل تصرفه عندما ينتقده رئيسه في العمل، أو عندما يقابل أفراداََ من الجنس الآخر، والمفترض هنا أن تمثيل المريض للدور الذي يعجز عن القيام به في المواقف التي تسبب له التوتر يمكن أن يساعده على إحداث قدر من التنفيس يخفف من حدة هذا التوتر، كما يتيح الفرصة للمعالج أيضاَ  لكي يكتشف مظاهر الصعوبة أو العجز، وتوجيه المريض وتصحيح أخطائه، ولذا تعد السيكودراما (أو أسلوب تمثيل الأدوار) إحدى الوسائل الفعالة في تأهيل المرضى وتدريبهم على ممارسة الحياة الطبيعية، والتغلب على الصعاب التي تواجههم عقب الخروج من المصحات النفسية.

كما يفيد هذا الأسلوب أيضاَ  في حالة الأسوياء حيث يمكن الاعتماد على تمثيل الأدوار في تدريب الأشخاص على القيام بأدوار اجتماعية معينة تتطلب قدراَ كبيراَ  من المهارة الاجتماعية
( مليكة 1964، ص 754- 752).
وقد اشتقت أساليب عديدة من السيكودراما منها المناقشة الجماعية حيث يشترك مجموعة من المرضى الذين يعانون من مشكلات متشابهة أو مختلفة أحياناَ في مناقشة مفتوحة وصريحة يطرحون فيها تصورهم لأسباب مشكلاتهم ومظاهرها، فيحقق ذلك الإفصاح ارتياحاَ نفسياَ، بالإضافة إلى إمكانات الإفادة من توجيهات وخبرات بقية أفراد المجموعة. وقد يتدخل المعالج من وقت لآخر لإعادة توجيه المريض.

وقد أجريت دراسة مصرية للكشف عن دور المناقشة الجماعية في خفض مستوى القلق على مجموعات من تلميذات المدارس الثانوية يعانين من درجة مرتفعة من القلق النفسي، وأظهرت الدراسة أن المنافسة الجماعية أدت إلى خفض مستوى القلق، وإن لم يستمر هذ التحسن طويلاَ، فقد فسر هذا المؤقت بأن المناقشة الجماعية تؤدي وظائف إيجابية متعددة، تشمل حرية التعبير عن المشكلات العامة والخاصة، والمشاركة في المشكلات والمشاعر، ورفع ثقة الأفراد في أنفسهم عندما يشعرون أن الآخرين يطلبون رأيهم ومشورتهم، والتدريب على التفكير الموضوعي في المشكلات، وتبادل المعلومات والخبرات، والتشجيع المتبادل، والشعور بالأمن .
 

الخلاصة

ديناميات الجماعة أحد فروع علم النفس الاجتماعي، وموضوعها هو الدراسة العلمية للجماعات الصغيرة، من حيث تكوينها، ونموها، ونشاطها وانتاجها، وأدائها لوظائفها المختلفة، بهدف الوصول إلى القوانين العلمية التي تنظم هذه الجوانب، وما يرتبط بها من جوانب أخرى.
1- الجماعة الصغيرة هي جماعة تتكون من شخصين على الأقل وحتى عشرين شخصا، تجمع بينهم علاقة تفاعل اجتماعي.
2- هناك ثلاثة دوافع نفسية تدفع الأفراد إلى تكوين الجماعات والانتماء إليها وهي:
أ- الحاجة إلى الإنتماء وخفض التوثرات النفسية
ب- التجاذب بين أعضاء الجماعة،وهو مايمكن تفسيره في ضوء التقارب المكاني، والجاذبية الجسمية، والتماثل بين الأشخاص.
ج) جاذبية أهداف ونشاطات الجماعة.
3- تمثل الموضوعات الآتية أهم محاور الاهتمام في دراسات ديناميات الجماعة: تماسك الجماعة، وبناء الجماعة، والمجاراة الاجتماعية، والقوة الاجتماعية، وأهداف الجماعة، مستوى طموح الجماعة.
4- من صور الإفادة التطبيقية من دراسات ديناميات الجماعة الصغيرة، تنمية سلوك التعاون بين الأشخاص، وتحسين التحصيل الدراسي، وعلاج سوء التوافق الاجتماعي.

الفروق الفردية

مقدمة :
إن مهنة التدريس من المهن الصعبة لأنها تتعامل مع كائنات معقدة التركيب ومختلفة عن بعها البعض من حيث الذكورة والأنوثة ،والبيئة التي نشأوا فيها، إذ يختلف سكان المناطق الجبلية عن سكان المناطق الساحلية مثلا كما يختلف سكان المناطق الحارة عن سكان المناطق الباردة .كما نلاحظ فروقا في الأعمار ودرجة النمو والنضج ، والتكوين الجسمي كالبدانة والنحافة والطول والقصر ، ولون البشرة والعينين والشعر .
ولكن الفروق الفردية لا تتوقف على هذه النواحي الواضحة ،بل هناك فروق دقيقة بين الأفراد في حواسهم وتكوينهم العقلي وطباعهم وعاداتهم وفيما ورثوه من دوافع فطرية ، وما اكتسبوه من ثقافات ومهارات مختلفة .وعلية لا يمكن أن نجد تشابها كاملا بين اثنين على الإطلاق ، فمهما تشابهت الظروف في الوراثة والبيئة الاجتماعية إلا أن لكل فرد طابعا يميزه عن الآخرين .
في الحياة المدرسية نلاحظ الفروق الفردية واضحة بين التلاميذ ، من حيث التحصيل المدرسي ، حيث نجد من يتميز بسرعة الفهم والاستيعاب فيكون دائما من المتفوقين ، ومن يكون بطيء الفهم ويحتاج إلى مزيد من التكرار حتى يفهم ، ويتعرض كثيرا للرسوب واعادة السنة .
وإذا دقّقنا الملاحظة في استعدادات التلاميذ ومواهبهم فسنجد أنواعا متباينة من القدرات والميول، فهناك أفراد يحصلون على نقاط عالية في اللغات وآخرون في الرياضيات والبعض الآخر في الأشغال اليدوية والمهارات العملية .بل ونجد كذلك التلاميذ المتفوقين في كل المواد ودائما في مقدمة الترتيب ، والتلاميذ المتخلفين في كل شيء تقريبا ويحتلون المراتب الأخيرة .ولهذا تبدو مهمة المدرس في التقريب بين مستويات التحصيل لدى التلاميذ صعبة ويحتاج إلى معرفة وفهم الفروق الفردية بين التلاميذ حتى يعامل كل واحد على أساس ما يملك من الاستعدادات والقدرات.
1. مفهوم الفروق الفردية :
تعتبر الفروق الفردية من المفاهيم المألوفة عند عامة الناس تقريبا حيث يقال بان هذا الشخص عاقل أو طيب وذاك غير عاقل أو غير طيب ، أو هذا ذكي وذلك غير ذكي وهكذا . فهذه الأحكام لا تستند على أساس دقيق في تقدير هذه الصفات .
أما علماء النفس تبيّن لهم بعد تطبيق الاختبارات النفسية أن لكل فرد مقدارا كبيرا أو صغيرا من كل صفة من الصفات النفسية ، سواء كانت عقلية أو مزاجية أو اجتماعية .ومن ثم فان الفروق بين الأفراد في نظر علماء النفس هي فروق في الدرجة أو في الكم ،وليس فروقا في النوع أو الكيف .
 
متى تظهر الفروق الفردية :
إن الفروق الفردية تظهر منذ الميلاد ، فالأطفال يولدون مختلفين من حيث الوزن والصحة والطول والقصر والحالة الانفعالية ولون الشعر والعينين وغيرها من الملامح الأخرى .ولكن درجة وضوح وتمايز هذه الفروق ، وخاصة فيما يتعلق بالقدرات العقلية والميول الخاصة، والأحوال المزاجية، هي التي تتأخر في الظهور .
ومن المتفق عليه أن انسب المراحل التي تظهر فيها الفروق الفردية بوضوح وتمايز شديد، هي مرحلة المراهقة ،، إذ يضاف إلى عامل النضج والنمو فيها عامل آخر هو تراكم الخبرات ، الأمر الذي يساعد الطفل على معرفة حقيقة ميوله الشخصية واستعداداته العقلية ، ولذلك فمن السهل التعرف على الفروق الفردية في السنة الخامسة أو السادسة اكثر من التعرف عليها في السنوات الأربعة الأولى ، وفي المرحلة الثانوية اكثر من المرحلة الابتدائية .
 
 .1. الوراثة والبيئة :
إن لكل من عوامل الوراثة وعوامل البيئة أثرها في الفروق الفردية فعامل الوراثة يكون اكثر وضوحا في الصفات الثابتة نسبيا عند الفرد ، والتي يولد بها ولا تتغير كثيرا طول حياته ،كطول القامة ولون الشعر والبشرة ، وكذلك الطاقة الانفعالية والمزاجية والذكاء .
وتظهر آثار العوامل الوراثية كلما زادت أواصر القربى بين الأفراد ، حيث يتشابه التوائم اكثر من الاخوة ، ويتشابه الاخوة اكثر من غيرهم في كثير من الصفات .
فالاستعدادات الفطرية الوراثية ، كالاستعداد للكلام أو لمرض جسمي أو نفسي ، لايمكن أن تظهر أو يتضح أثرها من دون عوامل البيئة ، مثلها كمثل الصورة الفوتوغرافية السالبة لا تظهر إلا بفعل أحماض كيماوية معينة . فالطفل الذي ينشأ بين الحيوانات يشب كالحيوان عاجزا عن الكلام بالرغم من انه يملك استعدادا وراثيا للكلام يميزه عن الحيوان ، ولابد له من بيئة إنسانية تحول هذا الاستعداد الفطري إلى قدرة فعلية للتعبير باللغة .
أما عوامل البيئة فتكون اكثر وضوحا في الصفات المكتسبة ، كالثقافة والتعليم واللغة، والصفات الخلقية والعادات والتقاليد التي يكتسبها الفرد من البيئة ،وهذه الصفات المكتسبة لايمكن أن تقوم إلا على أساس من الاستعدادات الوراثية ، فالرقص مثلا ما هو إلا تنظيم لحركات المشي ، وعادة الكلام لابد لها من أساس فطري وهكذا .
وقد أثبتت الدراسات النفسية والاجتماعية أهمية اثر البيئة المنزلية في تكوين الطابع المميز للفرد، وبالأخص في السنوات الأولى من حياته .ومن أهم العوامل المنزلية التي تؤدي إلى الفروق الفردية .الحالة الاقتصادية للأسرة ، ومدي تماسك الأسرة أو تفككها ، والمعاملة التي يلفاها الطفل من الأبوين والاخوة ،ومدى الاتفاق بين الآباء في معاملة الطفل واخوته، وما يقدمه الآباء للأبناء من وسائل تعليمية وما يحيطونهم به من جو ثقافي، أو ما قد يبديه أحد الآباء من شذوذ في السلوك كالانحراف أو إدمان الخمر وتعاطي المخدرات وغيرها .
كما أن للمدرسين آثارا هامة في تكوين فكرة الطفل عن نفسه وتكوين شخصيته ، ويتوقف تأثير المدرسين على التلاميذ إلى ما يشعرون به نحو مدرسيهم من تقدير واحترام.
 
4 . الفروق الفردية في النواحي الجسمية :
إن دراسة الفروق الفردية لا تكتمل إلا إذا أخذنا بعين الاعتبار نواحي التكوين الجسمي للفرد ، لان النواحي الجسمية تؤثر في الحالة النفسية للفرد وتتأثر بها .كما أن لكل ناحية من نواحي النمو وقتها وموعدها الطبيعي ،فإذا تأخر النمو أو النضج عن موعده الطبيعي أو على العكس حدث قبل ذلك فان هذا يؤدي إلى عدم التوافق بين النمو الجسمي والنمو العقلي ، ويترتب على ذلك اختلال في وظائف بعض الأعضاء مما ينعكس أثره على تصرفات الفرد .
وتتأثر الشخصية من حيث بنية الجسم بالتكوين الطبيعي الذي يظهر فيه الطول والقصر ووزن الجسم وتكوين الأعضاء المختلفة والتناسق بينها .
4 .1. العاهات والأمراض :
تعتبر العاهات من ابرز العوامل التي تؤدي إلى الفروق الفردية بين الأفراد ، وذلك تبعا لنوع العاهة وما تحدثه من شعور بالنقص إزاء الغير ، وبسبب ما يحدث بسببها من تقليل الفرص أمام الشخص ، سواء من حيث كسب الخبرة الحسية كما في عاهات الحواس .أو من حيث الانتقال والحركة كما في عاهات الأطراف .
أما الأمراض وخصوصا المزمنة منها فأثرها قد يكون ابعد من تأثير العاهات في سلوك الشخص ،إذ أن الأمراض عادة تتناول الجسم كله وتؤثر على الشخصية بأجمعها من حيث استغلال الطاقة الجسمية والعقلية وتوجيهها .
4 .2 . حالة الحواس :
تعتبر الحواس في الإنسان أبواب المعرفة ووسيلة الإدراك والإحساس بالمؤثرات الخارجية .ويختلف الأفراد فيما بينهم في قوة الحواس أو ضعفها،بما يؤدي إلى اختلافهم في القدرة على التكيف مع البيئة التي يعيشون فيها .
وكلنا يعرف أهمية الحواس الخمس : وهي السمع ولبصر والشم والذوق وللمس .
ولكن يضاف إلى ذلك حواس أخرى اقل وضوحا وهي :حاسة التوازن ومركزها الأذن الوسطى، والحاسة الحركية التي تساعد على التعرف على الاتجاهات المختلفة، وكذلك الاحساسات الداخلية التي تظهر في الشعور بالجوع والعطش وغيرها .
وقد ثبت اتساع الفروق الفردية في حاسة السمع بدرجة تفوق الفروق الفردية في حاسة الإبصار، فهناك تفاوت كبير بين الناس في حدة السمع، فبعض الأفراد لديهم ضعف في السمع بإحدى الأذنين أو كلتيهما ، وبعض الأفراد لديهم ضعف خاص لبعض النغمات والدرجات السمعية ، الأمر الذي يؤثر كثيرا في مدى استفادتهم من المؤثرات السمعية .بالإضافة إلى المصابين بالصمم الكلي أو الصمم الجزئي ، وترجع أسباب ذلك إلى عوامل كثيرة مثل ضعف الأعصاب السمعية أو الالتهابات المزمنة في الأذن الوسطى أو إصابة العظام السمعية أو غير ذلك .
أما بالنسبة للفروق الفردية في حدة الإبصار ، فكلنا يعرف أهمية الكشف الطبي على حاسة الإبصار عند الالتحاق بالمدارس والأعمال والوظائف ،وخصوصا الأعمال التي تعتمد على الكتابة والقراءة واستخدام حاسة الإبصار .
ولهذا يستحسن من الإدارة والمشرفين على قطاع التربية والتعليم إجراء فحوص دورية للتلاميذ للتأكد من مدى سلامة أجسامهم وحواسهم ،كما يستحسن من المدرسين الانتباه إلى الحالات التي تتطلب الجلوس في مقدمة القسم لتمكين ضعاف البصر والسمع وقصيري القامة من متابعة الدروس .
 

 

أنماط الشخصية:

يعتبر أسلوب النمط امتدادا للتفكير المستخدم في أسلوب السمة ففي الوقت الذي يمكن أن تنسب عدت سمات إلى شخص واحد ، ونقول انه يتصف بهذه السمة أو تلك أو بمجموعة من السمات، فانه في أسلوب النمط يمكن اعتماد خطة معينة أوسع واكثر توحدا ألا وهي خطة التصنيف . فالفرد قد يصنف باعتباره ينتمي إلى نمط ما حسب مجموعة السمات التي يتصف بها. فإذا شارك في مجموعة (سمات النمط ) مع جماعة كبيرة من الأفراد الآخرين ، فانه ينتمي إذن هو وأفراد هذه الجماعة إلى نمط ما . فالأنماط إذن أنظمة معقدة من السمات التي تشترك فيها مجموعة من الأفراد ،مع اختلاف بعضهم عن بعض في درجة اتسامهم بهذه السمات المترابطة .
اهتم الإنسان منذ القدم بتصنيف الناس الذين يعاشرهم إلى شخصيات مختلفة بإرجاعها إلى أنماط مختلفة ومتنوعة منها .
الأنماط المزاجية:
من اشهر هذه التصنيفات التصنيف الرباعي القديم للعالم اليوناني ( ابقراط ) الذي يقول بان الجسم يحتوي على سوائل أو أخلاط أربعة وهي الصفراء والسوداء والبلغم والدم. وان الشخصية يتحدد نمطها على أساس سيادة أو غلبة أحد هذه الأخلاط في الشخص. وعلى ذلك يقسم الناس وفق المزاج الغالب لديهم إلى:

النمط الدموي:
 وصاحبه متفائل مرح نشط ممتلئ الجسم سهل الاستثارة سريع الاستجابة، لا يهتم إلا باللحظة الحاضرة، ولا يأخذ الأمور بجدية،ومن ابرز ما يميزه التقلب في السلوك .

النمط الصفراوي:
 قوي الجسم طموح عنيد ، واهم ما يميزه حدة الطبع وسرعة الغضب .

النمط السوداوي:
متأمل بطيء التفكير لكنه قوي الانفعال ثابت الاستجابة ، يعطي اهمة كبيرة لكل ما يتصل به ، يجد صعوبة في التعامل مع الناس .واهم ما يميزه الانقباض والانطواء والتشاؤم .

النمط البلغمي:
 بدين بطيء الاستثارة والاستجابة ،ضحل الانفعال ، واهم ما يميزه الخمول والكسل والشراهة .


الأنماط الجسمية:
هناك اعتقاد شائع بان الناس يمكن تصنيفهم إلى أنماط جسمية، وان النمط الجسمي يحدد شخصية صاحبه على نحو ما، ومن أهم هذه التصنيفات التي لاقت رواجا في العصر الحديث تصنيف
(كرتشمر) kretchmer الذي يرى بان هناك ثلاثة أنماط جسمية وهي :

النمط المكتنز Pyknic:
ومن سماته أن صاحبه يتميز بقصر القامة والسمنة  والمرح والانبساط، والصراحة وسرعة التقلب في مشاعره فهو سريع الفرح سريع الحزن، ويتميز بسهولة عقد الصدقات.

النمط النحيف Asthénique:
 ومن سماته انه طويل ونحيل الجسم، ويتميز صاحبه بالانطواء والاكتئاب، والحساسية الشديدة.

النمط الرياضي Athléthique :
 ومن سماته انه يتميز يجسم متناسق الأجزاء من حيث الطول والوزن والعظلات ،كما يتميز بالنشاط والعدوانية.

غير انه سرعان ما تبين أن الناس أكثر من أن تصنف إلى هذه الأنماط وحدها وان أصحابها لا تكون سماتهم كما ذكر كر تشمر باستمرار.فقد ظهر من إحدى الدراسات أن 50 % من النمط الكتنز يتسمون بالانبساط وان 30% يتسمون بالانطواء.
 الأنماط الهرمونية:
يصنف (برمان )
berman الأمريكي الشخصيات حسب النشاط الهرموني السائد لديهم .
فهناك النمط الدرقي وصاحبه متهور سهل الاستثارة قلق نشط، يميل إلى العدوان .
وهناك النمط الادرناليني وصاحبه مثابر نشط قوي،
أما النمط النخامي يتميز أفراده بضبط النفس والسيطرة عليها.
أما النمط التيموسي فصاحبه يتميز بانعدام المسؤولية الخلقية...
ولقد أطلق برمان وأتباعه على الغدد الصم اسم ( غدد الشخصية أو (غدد المصير) يشيرون بذلك إلى أننا نرث جهازا غديا يطبع شخصياتنا .
ومما يلاحظ في هذا التصنيف أن أصحابه يهملون اثر العوامل الاجتماعية والثقافية إغفالا تاما فيما بين الشخصيات من فوارق
الأنماط النفسية:
يرى (يونغ)Jung الطبيب النفسي السويسري أن الناس يمكن تصنيفهم من حيث أسلوبهم العام في الحياة واهتماماتهم الغالبة إلى منطو ومنبسط
المنطوي Introver:
 يفضل العزلة ويجد صعوبة في الاختلاط بالناس .فيقصر معارفه على عدد قليل منهم، ويتحاشى الصلات الاجتماعية، ويقابل الغرباء في حذر وتحفظ، وهو شديد الحساسية لملاحظات الناس، يجرح شعوره بسهولة. وهو كثير الشك في نيات الناس ودوافعهم.شديد القلق على ما قد يأتي به الغد من أحداث ومصائب. يفقد صوابه في ساعات الخرج والشدة، يهتم بالتفاصيل ويضخم الصغائر، متقلب المزاج دون سبب ظاهر .يستسلم لأحلام اليقظة ويكلم نفسه. كثير الندم والتحسر على ما فات. يسرف في ملاحظة صحته ومرضه ومظهره الخارجي، لا يعبر عن عواطفه بصراحة. وهو إلى جانب هذا دائم التأمل في نفسه وتخليلها ،يهتم بأفكاره ومشاعره اكثر من اهتمامه بالعالم الخارجي، ويفكر طويلا قبل أن يبدأ عملا ، فان انهار واصيب بمرض نفسي كان نصيبه العصاب الوسواسي. وهذه الصفة الأخيرة قد تحققت تجريبيا على يد (أيزنك ).
  المنبسط Extraverti :
 فعلى العكس من ذلك يقبل على الدنيا في حيوية وعنف وصراحة، ويلائم بسرعة بين نفسه والمواقف الطارئة، ويعقد مع الناس صلات سريعة، فله أصدقاء أقوياء واعداء أقوياء. لا يكترث بالنقد ولا يهتم كثيرا بصحته أو مرضه أو هندامه أو بالتفاصيل والأمور الصغيرة، وهو لا يكتم ما يجول في نفسه من انفعال. ويفضل المهن التي تتطلب نشاطا وعملا واشتراكا مع الناس. إن انهار واصيب بمرض نفسي كان نصيبه الهستيريا. وقد تحققت هذه الصفة أيضا تجريبيا على يد ( أيزنك ).
نقد الأنماط:
هذه التصنيفات وغيرها تشترك جميعا في بعض العيوب، منها أنها توحي بوجود حدود فاصلة بين الأنماط، والواقع أن الأنماط لا تمثل إلا الحالات المتطرفة وان السواد الأعظم من الناس يمثلون وسطا بين الانطواء والانبساط، وقد طبقت اختبارات تقيس الانطواء والانبساط، على أعداد كبيرة من الناس فوجد أنهم لا ينقسمون إلى مجموعتين متمايزتين من المنطوين والمنبسطين ، بل إن أكثرهم وسط بين ذلك أي يبدون الانطواء في بعض المواقف والانبساط في أخرى، وعلى هذا فمن الخطأ أن نقول أن الإنسان إما منطو أم منبسط، لان الانطواء والانبساط لا يمثلان إلا الطرفان، بل الأنسب أن نقول انه منطو أو منبسط بقدر قليل أو كبير ، ثم أن نظريات الأنماط لا تنظر إلى الشخصية إلا من جانب واحد أو جوانب محدودة ولا تهتم بما بين الشخصيات من فوارق أخرى هامة، وبعبارة أخرى فالأنماط تؤكد أوجه الشبه وتغفل عن أوجه الاختلاف بين الناس وهذا لا يعطي صورة واضحة على الشخصية، هل الشخصان المنطويان هما نفس الشيء؟.
وبالرغم من هذه الانتقادات فان نظريات الأنماط حاولت إبراز جوانب مهمة في الشخصية وان الملاحظات اليومية العادية تؤكد فعلا ما توصلت إليه .ثم أن القول بتطرف الأنماط في نظرتها للشخصية فهذا ينطبق على كل الدراسات النفسية بدرجات مختلفة، وعلى هذا فتصنيف الشخصية على أساس الأنماط أو السمات هو حكم نسبي أي أننا ننظر إلى النسبة الغالبة من سمات الانطواء أو الانبساط وكذلك الشأن بالنسبة للأنماط الأخرى.
 

سمات الشخصية :

معنى السمة:
    السمة لغة هي الصفة أو العلامة المميزة ، وهي في علم النفس صفة ثابتة تميز الفرد عن غيره .أي أنها تبين أسلوبه المميز في الأداء (أي كيفية استجابته ) وتضم المميزات الجسمية والحركية والعقلية والوجدانية والاجتماعية.
   نحن نحكم على شخصيات الناس في حياتنا اليومية أحكاما عامة ، فنقول أن فلانا ذو شخصية قوية أو ضعيفة، جذابة أو منفرة ،مسيطرة أو خاضعة..الخ. إلا أن علم النفس لا يكتفي بهذه الأحكام العامة، بل ينظر إلى الشخص نظرة تحليلية لمختلف السمات الجسمية والوجدانية والاجتماعية..الخ
وسمات الشخصية كثيرة ومتنوعة ومتداخلة، ولهذا تصنف لغرض تسهيل الدراسة فقط، وهي.
سمات جسمية:
  كالصحة والجمال والقامة الصوت وسلامة الحواس، وسرعة الحركة أو بطئها، والمظهر العام للجسم ، من العوامل الهامة التي تؤثر في تقدير الفرد لذاته، وتقدير الغير له، فالعجز أو العاهة الجسمية أو المرض المزمن قد يكون عائقا في نجاح الفرد، ومصدرا لقلقه وتوتره وشعوره بالدونية وعدم الأمن.
سمات وجدانية:
    كالحالة المزاجية والاستقرار الانفعالي وضبط النفس، وسرعة الغضب والاندفاعية .. ومن هذه السمات ما يرتبط ارتباطا وثيقا بتكوين الجهازين العصبي والغدي للفرد، ومنه ما ينشأ من عملية التنشئة الاجتماعية للفرد كمستوى القلق والعدوان والشعور بالذنب.
سمات دافعية:
    كالرغبات والميول والاتجاهات والعواطف والمعتقدات والقيم ،وهذه قد تكون شعورية أو لاشعورية.
سمات اجتماعية:
   كالحساسية للمشكلات الاجتماعية، الاشتراك في النشاط الاجتماعي، موقف الفرد من السلطة ومن القيم الاجتماعية، ميله إلى السيطرة أو الخضوع أو إلى التعاون والمسالمة أو العدوان، أو إلى الاكتفاء الذاتي أو الاعتماد على الغير .. كذلك السمات الخلقية كالصدق أو الكذب، الأمانة والخداع.
والسمات التي تدخل في بناء الشخصية وتميز شخصيات الناس بعضها عن يعض هي السمات الثابتة نسبيا، أي التي يظهر أثرها في عدد كبير من المواقف، وليست السمات الموقفية العارضة التي تتوقف على طبيعة الموقف، أو نوع العمل الذي يؤديه الفرد. فسمة السيطرة هي استعداد الفرد للظهور والتسلط في اكثر المواقف التي تعرض له ـ أكثرها وليس جميعها ـ والشخص الذي يتصف بالأمانة ليس الشخص الذي يتصرف بأمانة في جميع المواقف والظروف على اختلافها، بل هو الذي يتصرف بأمانة في عدد كبير منها وفي ظروف أتيح له فيها أن يكون غير أمين.
فالسمة هي استعداد أو ميل عام ثابت نسبيا إلى نوع معين من السلوك .
السمة تتسم بالتدرج:
     إن الناس لا ينقسمون إلى مجموعتين متمايزتين من عمالقة وأقزام، أو عباقرة وأغبياء، أو مسيطرين وخانعين. بل تتوزع هذه السمات وغيرها بينهم توزيعا متصلا لا ثغرات فيه من طرف إلى آخر، وان السواد الأعظم منهم وسط بين هذين الطرفين. وهذا ينطبق على اغلب سمات الشخصية. وعلى هذا فبدل أن نقول أن فلانا مثابر مثلا ينبغي أن نقول انه يتسم بالمثابرة بقدر قليل أو كبير.
السمات والخوف والأساسية:
إن تصرفاتنا اليومية المختلفة تصدر عن سمات سطحية ظاهرة، وهي سمات متداخلة أو متقاربة. كالقلق والخوف، والاضطراب والانزعاج.. فالخجل مثلا سمة أساسية تصدر عنها السمات السطحية الآتية:  ميل الفرد إلى الانعزال، اختيار معارف قليلة، التزام الصمت في وسط الجماعة، تجنب الزعامة في أي نشاط اجتماعي، صعوبة التحدث مع الغرباء ..الخ . 

الشخصية

الفئة المستهدفة: المعلمون ، الاباء
الهدف: تمكين المتدربين من فهم تفاعل العوامل المؤثرة في بناء الشخصية وتطورها، والمساهمة في توفير الظروف الملائمة للنمو السليم المتزن للشخصية.
تعريف الشخصية
    قامت فكرة الشخصية وتعريفها في البداية على الدور الذي يقوم به الممثل في المسرح، وما يقوم به الشخص أمام الغير من حركات وصفات ظاهرية، ولهذا فالمعنى الأصلي لكلمة شخصية تحمل في معناها الظاهر الذي يؤثر به الشخص على الآخرين فارتبط بهذه الفكرة تعريف الشخصية بالقدرة على التأثير في الغير، أو الأثر الذي يتركه الشخص فيمن حوله  . ولكن هذا التعريف لا يوضح لنا شيئا عن الصفات الداخلية الحقيقية في الفرد، فالشخص بهذا المعنى يمكن أن يتحول إلى عدد من الشخصيات وهي: الشخص كما يراه غيره ـ الشخص كما يرى نفسه ـ الشخص على حقيقته. ولهذا فتعريف الشخصية السابق غير شامل لأنه يهمل الصفات الداخلية للفرد، ويهتم فقط بالشخص كما يراه غير.
     وعلى العكس من ذلك فقد نظر البعض إلى الشخصية على أنها تركيب نفسي معقد لا يخضع للملاحة والقياس وبالتالي لا يمكن تحليله أو فهمه، وهذا يبقي باب البحث مغلقا أمام فهم عناصر الشخصية ومكوناتها.
ثم انتقل التعريف إلى الناحية الاجتماعية عندما اتجه إلى الاهتمام بتعامل الفرد مع المجتمع. والحقيقة أن تعاريف الشخصية متنوعة ومختلفة باختلاف مدارس علم النفس.
وفيما يلي أهم واشمل تعاريف الشخصية:
تعريف (مورتون Morton):
    الشخصية هي حاصل جمع الاستعدادات والميول والغرائز والدوافع البيولوجية والفطرية الموروثة، وكذلك الصفات والاستعدادات والميول المكتسبة من الخبرة . هذا التعريف قائم على تعداد الصفات وحاصل جمعها ، وهذا قد يؤدي إلى اعتبار هذه الصفات وحدات منعزلة بعضها عن البعض، أو أن كل عنصر منها وحدة قائمة بذاتها، في حين أن النظرة الحديثة للشخصية تعتبرها وحدة، أو تنظيما كليا عاما، فكل صفة لا يكون لها معنى إلا في وجود باقي الصفات.

تعريف البورت:
     ( الشخصية هي التنظيم الديناميكي في نفس الفرد لتلك الاستعدادات الجسمية النفسية التي تحدد طريقته الخاصة للتكيف مع البيئة ).
     وهذا التعريف لا يختلف كثيرا عن تعريف ( بيرت ) القائل بأن ( الشخصية هي ذلك النظام الكامل من الميول والاستعدادات الجسمية والعقلية الثابتة نسبيا التي تعتبر مميزا خاصا للفرد، وبمقتضاها يتحدد أسلوبه الخاص للتكيف مع البيئة المادية والاجتماعية )
ويتضح من التعريفين السابقين ما يأتي :
     أولا: أن تعريف ( البورت ) يشير إلى فكرة الديناميكية في الشخصية إشارة إلى التفاعل المستمر بين عناصرها، كما أن تعريف ( بيرت ) يشير إلى الثبات النسبي أي أن عناصر الشخصية لا تتغير كثيرا على طول الزمن، فهذه هي الصفات التي يمكن الاعتماد عليها في الحكم على الشخصية. مثل هيئة الجسم والذكاء العام والصفات الموروثة والمكتسبة التي لها صفة الدوام نسبيا.
    ثانيا: كل التعريفين يؤكد فكرة التكامل ، وكون الشخصية ليست مجرد مجموع الصفات.
   ثالثا: بعض الصفات الداخلية في تكوين الشخصية بيولوجية جسمية مثل لون الشعر وقوة الجسم والتركيب الغددي … وبعضها صفات عقلية مثل الذكاء والانفعال والمزاج.
   رابعا : لم يهمل التعريفان أهمية البيئة واثر الصفات في تكيّف الفرد وتفاعله معها، ولذا لايمكن دراسة الفرد منعزلا عن المجموع الذي يحيط به كما يتضح من إشارة (بيرت ) إلى أهمية التكيف نحو البيئة المادية والبيئة الاجتماعية.
   خامسا : يظهر في التعريفين فكرة التميز التي تجعل كل فرد مختلفا عن غيره، بحيث لا يوجد اثنان متشابهان تشابها تاما وهذا التميز في نظر ( البورت ) الأساس الهام لمعنى الشخصية .
ويمكن القول أن الشخصية هي نظام متكامل من السمات التي تميز الفرد عن غيره.
 
أبنية وعمليات الشخصية:
    يستخدم علماء النفس في وصفهم للشخصية مفهومي البناء structure والعملية action على نحو ما يفعل العلماء في ميادين أخرى. وتشير الأبنية إلى تنظيم أو صياغة الأجزاء في نظام أكثر أو اقل ثباتا، على حين تتصل العمليات بالوظائف التي تقوم بها هذه الأجزاء، وكيف تتفاعل وتتغير ـ وهو ما يسمى في علم النفس بالديناميات. ويمكننا أن نتحدث عن أبنية اجتماعية، كالمؤسسات الثقافية مثلا ،وعن عمليات اجتماعية ،كالتفاعل بين الأفراد داخل مجموعة ما أو بين المجموعات، أو تأثير المؤسسات الثقافية على النشاط الإنساني . كما يمكن أن نتحدث عن أبنية بيولوجية ، كمجموعات الأنسجة أو الأعضاء. وعمليات بيولوجية. كعمليات البناء والهدم أو موت خلية وحلول أخرى محلها. وفي المجال السيكولوجي يمكننا أن نتحدث عن أبنية الشخصية كان نقول عن شخص ما انه ذكي أو أن له أنا قوية. كما يمكننا أن نتحدث عن ديناميات الشخصية على نحو ما كان نقول عن شخص ما بأنه يقوم بحل مشكلة أو يخدع نفسه .. الخ
الشخصية كاستدلال عن البناء والعملية:
      إن كثيرا من الأبنية والعمليات في العلوم الطبيعية والجيولوجية والاجتماعية لا يمكن ملاحظتها بشكل مباشر بل يجب أن تبنى منطقيا وبالجهد النظري. مثال ذلك: أن أكسدة الطعام أو المعادن عملية لايمكن رؤيتها، وانما نعرفها من ملاحظة التغيرات المنتظمة التي تحدث عندما تتعرض هذه المواد للأكسجين تحت ظروف معينة من الحرارة. والذرة بناء نظري من أجزاء وابنية فرعية لايمكن ملاحظتها بشكل مباشر، ومع ذلك فهي تتفاعل مع بعضها البعض بطرق نعرفها من الملاحظات المضبوطة جيدا للظروف التي تحدث فيها، والآثار التي تنجم عنها.
وبالمثل فان الأبنية والعمليات السيكولوجية يمكن أن تدرك نظريا كذلك، كأحداث لايمكن ملاحظتها بشكل مباشر رغم إمكان معرفتها عن طريق الاستدلال من ظروفها ونتائجها والقدرات العقلية مثال للأبنية السيكولوجية التي لايمكن ملاحظتها، عل الرغم من إمكان ملاحظة آثارها. ويمكن أن نصل إلى نفس الاستنتاج عندما نتحدث عن أفراد جوعى أو عطشى. فما هو الجوع والعطش؟ نحن لا يمكننا رؤيتهما ومع ذلك، فنحن نعرف انهما موجودان. فهذا استدلال مقبول إذا قلنا أن شخصا ما سوف يكون جائعا إذا مضت عليه عدة ساعات دون تناول طعام، وهو أحد الظروف المحدثة للجوع .
ويصدق نفس هذا القول إذا طبقناه على الشخصية. فنحن لا نرى شخصية ما، على نحو ما نرى عملا أو شيئا ماديا. كما أن سلوك شخص ما لا يشكل ما نعنيه بالشخصية . إن الشخصية تشير إلى استدلال نظري يتم عن طريق ملاحظة الاستجابات السيكولوجية والتفكير منطقيا فيما يمكن أن يمثل النظام الكامن ( للأبنية والعمليات ) الذي قد يفسر السلوك. وفيما عدى ذلك، فطالما أن الشخصية هي نظام معقد يتضمن الكثير من الأبنية والعمليات، فان الأمر يستلزم القيام بمجموعة واسعة من الاستدلالات بدلا من القيام باستدلال واحد عن الجوع أو العطش أو القدرة. وفضلا عن ذلك، فانه يجب أن نتعامل مع خصائص الشخص الثابتة أو المستقرة مع الزمن ومن موقف لآخر معتمدين في ذلك على اختبارات موضوعية أعدت خصيصا لدراسة وقياس الشخصية. 

التنمية الادارية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



التـنـمـية الإداريــة

• التنمية الإدارية تشمل جميع المستويات الإدارية في المنظمة، لأنها تختص بتطوير الطاقات الإدارية لرجال الإدارة الحاليين وتهيئة مدراء المستقبل وتسليحهم بالقدرات التي تمكنهم من تولي المناصب القيادية في المستقبل.• "تهدف هذه البرامج إلى تنميه المهارات القيادية لدى المديرين،وتنمية القدرة على التفكير الخلاق واتخاذالقرارات الصحيحة"• الشرط الأساسي لنجاح هذه البرامج هو" أن يكون لدى المشترك ثقافة وخبرة ودراية سبق أن اكتسبها خلال دراسة الإدارة وممارستها اثناء عمله"
تعريف التنمية الإدارية وأهدافها:
"التنمية الإدارية أو التطوير الإداري هي: "عملية منظمة ومستمرة ،يتم من خلالها تزويد المديرين الحاليين بالمنظمة، او مديري المستقبل بحصيلة من المعرفة والمهارات والقدرات اللازمة التي تمكنهم من قيادة وإدارة المنظمة حالياً ومستقبلاً بنجاح".
"نشاط مخطط ومستمر يهدف على تطوير السلوك الإداري، وتطوير قدرات المديرين بالمنشاة من خلال المعارف والمهارات التي يكتسبونها من خلال برامج التنميةالإدارية"
من أهم الأهداف:
1- تجنب التقادم الإداري:
2- تخطيط عملية الترقي للمراكز الوظيفية الأعلى في الهيكل التنظيمي للمنظمة.
3-إرضاء مطلب النمو الذاتي للأفراد:

أسباب الاهتمام بالتنمية الإدارية:
1- التوسع السريع والضخم في الأعمال بعد الحرب العالمية الثانية.
2- كبر حجم المشروعات وتعقدها.
3- طبيعة الإعدادالعلمي السابق لشغل معظم وظائف الإدارة.
4- طبيعة الوظيفة الإدارية وتأثرها بالعوامل البيئية والظروف العائلية للمدير.
5- زيادة الدور الذي يقوم به شاغلو الوظائف المساعدة.
6- زيادة الطلب على شاغلي الوظائف الإدارية
7- تقادم المعرفة.


الفرق بين التدريب* والتنمية الإدارية*:
مع تطور الفكر الإداري والتغيرات الهائلة في موارد المنظمات، كان لا بد من وضع الحطوط الفاصلة بين هذين المفهومين:(*يرى البعض أن التدريب يرتبط بالاعمال الفنية أو المهنية، ولكن البعض يرد على ذلك بأن التدريب قد يشمل أيضاً الإداريين من المستوى الأدنى في التنظيم أو الأوسط، وخاصة في إطار الجوانب الفنية لأعمالهم)
اهداف التدريب : كلاهما يسعى لزيادة المهارة والمعرفة والقدرات لدى الأفراد.
اهداف التنمية الادارية والتطوير الاداري : كلاهما يسعى لزيادة المهارة والمعرفة والقدرات لدى الأفراد.
موضوعات التدريب :يركز عادة على نطاق محدود من المهارات الفنية أو الإدارية (مشغلي معدات الطباعة وزيادة سرعتهم ودقتهم).
موضوعات التنمية الادارية والتطوير الاداري : تتسم بالتوسع والتشعب في المهارات (مدير المطبعة يركز على التخطيط، التنظيم،اتخاذ القرارات،مهارات الاتصال، التحفيز، ومهارات القيادة).
استمرارية التدريب :قد تكون لفترات متقطعة ولتحقيق هدف معين.
استمرارية التنمية الادارية والتطوير الاداري : هي عملية مستمرة سواء كان التطوير داخلياً أو خارجياً ويجب ان لا تتوقف.التنمية الذاتية للتدريب : يقدم عند بروز الحاجة فقط.
التنمية الذاتية للتنمية الادارية : لاتتوقف على البرامج التي تقدمها لهم المنظمة داخلها أو خارجها،فهم مسؤلون عن تنمية أنفسهم وقدراتهم الشخصية
مدة التدريب : تميل إلى القصر.
مدة التنمية الادارية : تميل إلى التطويل.
طرق التدريب والتطوير : تركز على زيادة تراكم المهارة الفنية للمتدربين.
طرق التنمية والتطوير : تركز على زيادة المهارات الفكرية للإداريين (التخطيط الاستراتيجي، اتخاذ القرارات، العلاقات الخارجية).
مجالات التنمية الإدارية:
هناك احتياجات مختلفة للتطوير والتدريب الإداري،حيث تركز برامج التدريب في المستوى الإداري والإشرافي والأوسط على الجوانب الفنية مثل : تقويم الأداء ، تحديد الأهداف ، اتصالات والانضباط،فإن برامج التطوير للمستوى الإداري الأعلى تركز على الجوانب العامة للمنظمة مثل: التخطيط، واتخاذ القرارات ، وحل المشاكل المالية والانسانية وعلاقات المنظمة مع الخارج ، وبناء فرق العمل الفعالة داخل المنظمة

إجراءات التنمية الإدارية:
قبل اختيار موضوعات التنمية والتطوير،لا بد من عمل الاجراءات التالية:
أولاً: تقدير احتياجات المنظمة من المديرين
ثانياً:مراجعة مخزون المهارات
ثالثا: تحديد الأشخاص المطلوب تطويرهم وتنميتهم
تقويم فعالية التنمية الإدارية:بالرغم من اعتبارالتنمية الإدارية استثمار في العنصر البشري ينتج عنه مكاسب للمنظمة،وقدرتها على مواجهة التغيير وإحداثة.إلا أنه لا بد أن تتاكد المنظمات من أن هذه الأموال والجهود ستثمر في تحقيق النتائج المرجوة من خلال الاستراتيجيات التالية:
أولاً: قياس ردود فعل المتدربين.
ثانياً: قياس درجة التعلم.
ثالثاً: قياس درجة التغير في السلوك.
رابعاً: قياس كفاءة المنظمة ككل.