تعتبر صعوبات التعلم إحدى المشكلات الحديثة نسبيا ،ويوصف به أولئك الذين يعانون اضطرابا أو قصورا في واحدة أو أكثر من العمليات النفسية الأساسية،الخاصة بفهم اللغة المنطوقة أوالمكتوبة،ويظهر هذا القصور في نقص المقدرة على الاستماع أو الكلام، أو الكتابة،أو القراءة،أوالتهجي،أو العمليات الحسابية،أوالمهارات الاجتماعية ،وليس لديهم مشكلات تعلم ناجمة عن إعاقات حسية أخرى ،كالصمم أو ألعمي،أو عقلية أو حركية أو انفعالية،أو ظروف بيئية اجتماعية اقتصادية وثقافية غير مناسبة .وقد يرجع هذا القصور إلى مشكلة نوعية خاصة،تتعلق بوجود خلل،أو تأخر في نمو الجهاز العصبي المركزي.
المشكلة وآثارها
.ومن مظاهر خطورة هذه المشكلة أيضا تأثيراتها السلبية العميقة على الجوانب الانفعالية والدافعة من شخصية الطفل،والتي تلعب دورا هاما قي أدائه الدراسي ،حيث يتزايد شعور الطفل بالإحباط والتوتر والقلق، وعدم الثقة بالنفس نظرا لعجزه عن مسايرة زملائه في الدراسة،وفشله في تحسبن معدل تحصيله الدراسي،كما يتدنى تقديره لذاته،ويكوّن تقديرا سالبا عن مفهوم الذات ،وبمرور الوقت تضعف إرادته ودافعته للتعلم ،ويتزايد اعتماده على غيره،وقد لا يبالي بواجباته المدرسية ،وينخفض مستوى رغبته في العمل والتنافس والإنجاز وينتهي به المطاف إلى الرسوب والتسرب .هذا الموضوع يحاول أن يلفت انتباه العاملين في حقل التربية والتعليم،إلى مشكلة الصعوبات الخاصة بذوي الصعوبات التعلمية ،والتي تتطلب تعاون الجميع من أولياء ومدرسين ومسؤولين ومتخصصين،وإجراء البحوث التربوية المنظمة على المستويين النظري والتطبيقي لمواجهة هذه المشكلة ،بإعداد الاختبارات التشخيصية للكشف المبكر عن أنماط صعوبات التعلم الشائعة لدى أطفالنا عند دخولهم إلى السنة الأولى الابتدائية ،لتوجيههم بالطرق والأساليب المناسبة للتغلب على صعوباتهم ومسايرتهم لأقرانهم العاديين . كما يتطلب تكوين المدرسين وتدريبهم على استخدام برامج علاجية ملائمة،بالإضافة إلى تحسيس الوالدين بضرورة المشاركة الإيجابية مع المدرسة،كما يتطلب في الوقت نفسه بناء البرامج الإرشادي على المستوى النفسي والاجتماعي،كما أن صعوبات التعلم تؤدي إلى ضعف التحصيل الأكاديمي،وهذا يؤدي بالتلميذ إلى تكوين تصور سالب عن ذاته، حيث يتسم بالاندفاعية وضعف القدرة على التعلم،ومن ثم يكون أكثر عرضة لان يكون جانحا في سلوكه . ـ أن خبرات الفشل والرسوب المتكررة التي يعيشها الأطفال ذوي صعوبات تعلم، تجعلهم لايستطيعون أن يتحكموا فيما يوكل إليهم من مهام،كما أنهم لايستطيعون أن يتحكموا في تحصيلهم وأداءهم،وان مجهوداتهم التي يبذلونها تبدوا لا نفع فيها ،الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض المثابرة والجد في أدائهم للأعمال المدرسية بتمكن واقتدار،وكل هذا يؤدي إلى احتمال الرسوب والفشل لديهم،كما يعززا لاعتقاد بأنهم غير قادرين على التحكم والسيطرة بكل ما يحيط بهم .
ـ يزداد الأمر سوءا إذا ما تم نقل ذوي صعوبات التعلم، من فصول العاديين إلى فصول التربية الخاصة ، إذ يؤدي ذلك إلى شعورهم بوصمة عار من الناحية الاجتماعية،ويولد لديهم إحساسا بأنهم أطفال متخلفون عن الأطفال العاديين، الأمر الذي يؤثر على مفهوم الذات لديهم،وانخفاض دافعية التمكن والرغبة في التحدي والاستقلالية،كما يقل اعتمادهم على ذاتهم .كل هذا يجعلنا نعطي خصوصية الاهتمام لصعوبات التعلم ،لان الصعوبة وآثارها المتراكمة،تترك لنا شخصا مهلهل من الناحية النفسية،لايتسم بقوة الشخصية ولا كفاءة الأنا،الأمر الذي يجعله فردا غير سوي وغير مبالي بقدراته وإمكاناته الذاتية ، وعرضة أكثر من غيره لان يكون جانحا على النظم الاجتماعية.
وتكمن خطورة مشكلة صعوبات التعلم في انتشارها لدى مجموعة كبيرة من الأطفال الذين يمتلكون مستوى عادي،وقد يكون مرتفعا من حيث المقدرات والإمكانات الجسمية والحسية والعقلية، إلا أن معدل تحصيلهم الدراسي يكون أقل من ذلك بكثير، وهو ما يطلق عليه التباعد الواضح بين الإمكانيات والنتائج .( أي بين إمكانيات التلاميذ التي تعتبر عادية والنتائج التي يحققونها في مختلف المواد الدراسية ) وقد يؤدي هذا بغير المتخصصين وخاصة منهم الأولياء و المربون في مختلف المراحل التعليمية،إلى تفسير هذه الصعوبات على أساس خاطئ وبأنها مظهر من مظاهر عدم الانضباط أو سوء السلوك لدى التلاميذ،وهذا يعرضهم لمضايفات مستمرة من المشرفين عليهم تربويا ،أو أنها مظهر من مظاهر التخلف العقلي أو التأخر الدراسي ،وذلك دون اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالتشخيص الدقيق للمشكلة،واعتماد الإستراتيجية العلاجية المناسبة لها ، مع العلم انه لا يوجد طفلان متشابهان في الصعوبة الخاصة بالتعلم،مما يتطلب خطة علاجية فريدة لكل طفل بحسب حالته الخاصة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق